صفحة رقم ٥٦٩
مطمع ولا مرام، فلا يفيد ما أتوا به معنى غير أنهم عاجزون عن المعارضة قاطعون بأنهم متى أتوا بشيء منها افتضحوا، وقطع كل من سمعه بأنهم مغلوبون.
فصلت :( ٢٧ - ٣٠ ) فلنذيقن الذين كفروا.....
) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ جَزَآءُ أَعْدَآءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ جَزَآءً بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُون وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ إِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ( ( )
ولما استحقوا بهذا العقوبة، سبب عن ذلك مؤكداً لإنكارهم قوله تعالى :( الذين كفروا ) أي هؤلاء وغيرهم ) عذاباً شديداً ( في الدنيا بالحرمان وما يتبعه من فنون الهوان وفي الآخرة بالنيران ) ولنجزينهم ) أي بأعمالهم.
ولما كان من قدر على الأغلظ، قدر على ما دونه قال :( أسوا ) أي جزاء أسوأ العمل ) الذين كانوا ( بما هو لهم كالغرائز ) يعملون ( مواظبين عليه.
ولما أبلغ سبحانه في الترهيب من عقابهم، زاد في تعظيمه وفضله لطفاً لمن أراد هدايته من عباده وإقامة الحجة على غيرهم فقال :( ذلك ) أي الجزاء الأسوأ العظيم جداً ) جزاء ( ولما كانت عداوة من لا يطاق آمراً زائد العظمة، نبه على ذلك بصرف الكلام عن مظهرها إلى أعظم منه فقال :( أعداء الله ) أي الملك الأعظم، لأنهم ما كانوا يفعلون ما دون الأسوأ إلا عجزاً عنه لأن جبلتهم تقتضي ذلك، وبينه بقوله :( النار ( وفصل بعض ما فيها بقوله :( لهم فيها ) أي النار ) دار الخلد ) أي المحل المحيط بهم الدائر من غير علم من زواية أو غيرها يعرف به خصوص موضع منه، مع إيذانه بالدوام واللزوم وعدم الانفكاك، أو هو على التجريد بمعنى : هي لهم دار خلود كما كان لهم في الدنيا دار سرور بمعنى أنها كانت لهم نفسها دار لهو وغرور.
ولما كانوا على أعمالهم التي استحقوا بها هذا العذاب مصرين إصراراً يمتنع انفكاكهم عنه، زاد حسناً قوله :( جزاء ) أي وفاقاً ) بما كانوا ) أي جبلة وطبعاً، ورد الكلاك إلى مظهر العظمة المقتضي للنكال فقال :( بآياتنا ) أي على ما لها من العظمة ) يجحدون ) أي ينكرون عناداً من غير مراعاة لعلوها في نفسها ولا علوها بنسبتها إلينا، فلأجل جحودهم كانوا يقدمون على ما لا يرضاه عاقل من اللهو وغيره.
ولما تراءى لهم أن الذي أوجب لهم هذا السوء جلودهم بالشهادة عليهم وقرناؤهم بإضلالهم لهم وكان التباعض والعداوة قد وقع بين الجميع، فصار تمني كل للآخر