صفحة رقم ٦٤٣
عليه الصلاة والسلام لإخوته
٧٧ ( ) لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم ( ) ٧
[ الآية : ٩٢ ] وقال : فعل النبي ( ﷺ ) في مواطن كثيرة منها الموقف الأعظم الذي وقفه يوم الفتح عند باب الكعبة وقال لقريش وهو تحته كالغنم المطيرة ( ما تظنون أني فاعل بكم يا معشر قريش ) قالوا : خيراً، أخ كيرم وابن أخ كريم، قال ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ) وروى أحمد وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً شتم أبا بكر رضي الله عنه فلما رد عليه قام ( ﷺ ) ثم قال :( يا أبا بكر ثلاث كلهن حق ما من عبد مظلم مظلمة فعفى عنها لله إلا أعز الله بها نصره، وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده الله بها قلة ).
ولما بان في هذا الكلام المقتصر على الصبر والجامع إليه الغفر والمقتضي بالنصر أدرجهم كلهم في دائرة الحق، أتبعه من خرج عن تلك الدائرة، فقال مخبراً أن ما شاءه كان وما لم يشأه لم يكن عطفاً على نحو : فمن يهدي الله للوقوف عند هذه الحدود فما له من مضل، مبيناً بلفظ الجلال أن ما شرعه من الطريق في غاية الوضوح لا يزيغ عنه أحد إلا بطرد عظيم :( ومن يضلل الله ) أي الذي له صفات الكمال إضلالاً واضحاً بما أفاده الفك بعدم البيان أو بعدم التوفيق لمطلق الصبر أعم من أن يكون الاقتصار على أخذ الحق وبتأخير الحق إلى وقت وبالعفو وبالغفر.
ولما كان الضال عن ذلك لا يكون إلا مجبولاً على الشر، سبب عنه قوله :( فما له ) أي في ذلك الوقت ) من ولي ) أي يتولى أمره في الهداية بالبيان لما أخفاه الله عنه أو التوفيق لما بينه له ) من بعده ) أي من بعد معاملة الله له معاملة البعيد من وكله إلى نفسه وغيره من الخلق في شيء من زمان البعد ولو قل.
ولما كان مبنى أمر الضال على الندم ولو بعد حين، قال عاطفاً على نحو : فترى الظالمين قبل رؤية العذاب في غاية الجبروت والبطر والتكذيب بالقدرة عليهم، فهم لذلك لا يرجون حساباً ولا يخافون عقاباً :( وترى ( وقال :( الظالمين ( موضع ( وتراهم ) لبيان أن الضال لا يضع شيئاً في موضعه، ولما كان عذابهم حتماً، عبر عنه بالماضي فقال :( لما رأوا العذاب ) أي المعلوم مصير الظالم إليه رؤية محيطة بظاهره وباطنه يتمنون الرجعة إلى الدنيا لتدارك ما فات من الطاعات الموجبة للنجاة ) يقولون (