صفحة رقم ٦٤٦
) فما له ( بسبب إظلال له جميع صفات الجلال والإكرام، وأعرق في النفي بقوله :( من سبيل ) أي تنجية من الضلال ولا مما تسبب عنه من العذب.
ولما كان هذا، أنتج قطعاً قوله :( استجيبوا ) أي اطلبوا الإجابة وأوجدوها، ولفت القول إلى الوصف الإحساني تذكيراً بما يحث على الوفاق، ويخجل من الخلاف والشقاق، فقال :( لربكم ( الذي لم تروا إحساناً إلا وهو منه فيما دعاكم إليه برسوله ( ﷺ ) من الوفاء بعهده في أمره ونهيه، ولا تكونوا ممن ترك ذلك فتكونوا ممن علم أنه أضله فانسد عليه السبيل.
ولما كان الخوف من الفوت موجباً للمبادرة، قال مشيراً بالجار إلى أنه يتعد بأدنى خير يكون في أدنى زمن يتصل بالموت :( من قبل أن يأتي يوم ) أي يكون فيه ما لا يمكن معه فلاح ؛ ثم وصفه بقوله لافتاً إلى الاسم الأعظم الجامع لأوصاف الإحسان والإنعام على المطعين والقهر والانتقام من العاصين :( لا مرد ) أي لا رد ولا موضع رد ولا زمان رد ) له ( كائن ) من الله ) أي الذي له جميع العظمة وإذا لم يكن له مرد منه لم يكن مرد من غيره، ومتى ذاك أنتج قوله :( ما لكم ( وأعرق في النفي بقوله :( من ملجأ يومئذ ) أي مكان تلجؤون إليه في ذلك اليوم وحصن تتحصنون فيه من شيء تكرهونه، وزاد في التأكيد بإعادة النافي وما في حيزه إبلاغاً في التحذير فقال :( وما لكم من نكير ) أي من إنكار يمكنكم به من النجاة لأن الحفظة يشهدون عليكم فإن صدقتموهم وإلا شهدت عليكم أعضاؤكم وجلودكم، ولا لكم من أحد ينكر شيئاً مما تتجاوزون به ليخلصكم منه.
ولما أنهى ما قدمه في قوله ) شرع لكم من الدين ( نهايته، ودل عليه وعلى كل ما قادته الحكمة في حيزه حتى لم يبق لأحد شبهة في شيء من الأشياء، كان ذلك سبباً لتهديدهم على الإعراض عنه وتسلية رسولهم ( ﷺ ) فقال معرضاً عن خطابهم إيذاناً بشديد الغضب :( فإن أعرضوا ) أي عن إجابة هذا الدعاء الذي وجبت إجابته والشرع الذي وضحت وصحت طريقته بنا تأيد به من الحجج، ولفت القول إلى مظهر العظمة دفعاً لما قد يوهم الإرسال من الحاجة فقال :( فما أرسلناك ( مع ما لنا من العظمة ) عليهم حفيظاً ) أي نقهرهم على امتثال ما أرسلناك به.
ولما كان التقدير.
فأعرض عن غير إبلاغهم لأنا إنما أرسلناك مبلغاً، وضع موضعه :( إن ) أي ما ) عليك إلا البلاغ ( لما أرسلناك به، وأما الهداية والإضلال فإلينا.
ولنا ضمن لهذه الآية ما أرسله له، أتبعه ما جبل عليه الإنسان بياناً لأنه ( ﷺ ) لا