صفحة رقم ٦٥
قال ) فأنبتنا فيها حباً ) [ عبس : ٢٧ ] وذكر من طعامه من العنب وغيره ما لا يصلح للأنعام ) وأنفسهم ) أي من حبه، وأصله إذا كان بقلاً.
ولما كانت هذه الآية مبصرة، وكانت في ضوحها في الدلالة على العبث لا يحتاج الجاهل به في الإقرار سوى رؤيتها قل :( أفلا يبصرون ( إشارة إلى أن من رآها وتبه على ما فيها من الدلالة وأصر على الإنكار لا بصر له ولا بصيرة.
السجدة :( ٢٨ - ٣٠ ) ويقولون متى هذا.....
) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لاَ يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِيَمَانُهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ ( ( )
ولما كانت هذه الآية أدل دليل - كما مضى - على البعث، وكان يوماً يظهر فيه عز الأولياء وذل الأعداء، أتبعها قوله تعجيباً منهم عطفاً على ( يقولون أفتراه ) ونحوها :( ويقولون ) أي مع هذا البيان الذي لا لبس معه استهزاء :( متى هذا الفتح ) أي النصر والقضاء والفصل الذي المنغلق يوم الحشر ) إن كنتم ) أي كوناً راسخاً ) صادقين ) أي عريقين في الصدق بالإخبار بأنه لا بد من كونه لنؤمن إذا رأيناه.
ولما أسفر حالهم بهذا السؤال الذي محصله الاستعجال على وجه الاستهزاء عن أنهم لا يزدادون مع البيان إلا عناداً، أمرهم بجواب فيه أبلغ تهديد، فقال فاعلاً فعل القادر في الإعراض عن إجابتهم عن تعيين اليوم إلى ذكر حاله :( قل ) أي لهؤلاء اللد الجهلة :( يوم الفتح ) أي الذي يستهزئون به، وهو يوم القيامة - تبادرون إلى الإيمان بعد الانسلاخ مما أنتم فيه من الشماخة والكبر، فلا ينفعكم بعد العيان وهو معنى ) لا ( ينفعكم - هكذا كان الأصل، ولكنه أظهر الوصف تعميماً وتعليقاً للحكم به فقال :( ينفع الذين كفروا ) أي غطوا آيات ربهم التي لا خفاء بها سواء في ذلك أنتم وغيركم ممن اتصف بهذا الوصف ) إيمانهم ( لأنه ليس إيماناً بالغيب، ولكنه ساقه هكذا سوق ما هو معلوم ) ولا هم ينظرون ) أي يمهلون في إيقاع العذاب بهم لحظة ما من منظر ما.
ولما كانت نتيجة سماعهم لهذه الأدلة استهزاءهم حتى بسؤالهم عن يوم الفتح، وأجابهم سبحانه عن تعيينه بذكر حاله، وكان ( ﷺ ) لشدة حرصه على نفعهم ربما أحب إعلامهم بما طلبوا وإن كان يعلم أن ذلك منهم استهزاء رجاء أن ينفعهم نفعاً ما، سبب سبحانه عن إعراضه عن إجابتهم، أمره لهذا الداعي الرفيق والهادي الشفيق بالإعراض عنهم أيضاً، فقال مسلياً له مهدداً لهم :( فأعرض عنهم ) أي غير مبال بهم وإن اشتد أذاهم ) وانتظر ) أي ما نفعل بهم مما فيه إظهار أمرك وإعلاء دينك، ولما كان الحال مقتضياً لتردد السامع في حالهم هل هو الانتظار، أجيب على سبيل التأكيد بقوله :( إنهم