صفحة رقم ٧٦
في عموم العبارة في تلك الآية، أعادها منا تأكيداً وتنصيصاً على هذا الفرد للاهتمام به مع ما فيها من تفصيل وزيادة فقال :( وأولوا الأرحام ) أي القرابات بأنواع النسب من النبوة وغيرها ) بعضهم أولى ( بحق القرابة ) ببعض ( في جميع المنافع العامة للدعوة والإرث والنصرة والصلة ) في كتاب الله ) أي قضاء الذي له الأمر كله ولا أمر لأحد معه، وحكمه كما تقدم في كتابكم هذا، وكما أشار إليه الحديث الماضي آنفاً.
ولما بين أنهم أولى بسبب القرابة، بين المفصل عليه فقال :( من ) أي هم أولى بسبب القرابة من ) المؤمنين ( الأنصار من غير قرابة مرجحة ) والمهاجرين ( المؤمنين من غير قرابة كذلك، ولما كان المعنى : أولى في كل نفع، استثنى منه على القاعدة الاستثناء من أعم العام قوله، لافتاً النظم إلى أسلوب الخطاب ليأخذ المخاطبون منه أنهم متصفون بالرسوخ في الإيمان الذي مضى ما دل عليه في آية الأولوية من التعبير بالوصف، فيحثهم ذلك على فعل المعروف :( إلا أن تفعلوا ) أي حال كونكم موصلين ومسندين ) إلى أوليائكم ( بالرق أو التبني أو الحلف في الصحة مطلقاً وفي المرض من الثلث تنجيراً أو وصية ) معروفاً ( تنفعونهم به، فيكون حينئذ ذلك الولي مستحقاً لذلك، ولا يكون ذو الرحم أولى منه، بل لا وصية لوارث.
ولما أخبر أن هذا الحكم في كتاب الله، أعاد التنبيه على ذلك تأكيداً قلعاً لهذا الحكم الذي تقرر في الأذهان بتقريره سبحانه فيما مضى فقال مستأنفاً :( كان ذلك ) أي الحكم العظيم ) في الكتاب ) أي القرآن في آخر سورة الأنفال ) مسطرواً ( بعبارة تعمه، قال الأصبهاني : وقيل : في التوارة، لأن في التوراة : إذا نزل رجل بقوم من أهل دينه فعليهم أن يكرموه ويواسوه، وميراثه لذوي قرابته، فالآية من الاحتباك : أثبت وصف الإيمان أولاً دليلاً على حذفه ثانياً ووصف الهجرة ثابناً دليلاً على حذف النصرة أولاً.
ولما كان نقض العوائد وتغيير المألوفات مما يشق كثيراً على النفوس، ويفرق المجتمعين، ويقطع بين المتواصلين، ويباعد بين المتقاربين، قال مذكراً له ( ﷺ ) بما أخذ على من قبله من نسخ أديانهم بدينه، وتغيير مألوفاتهم بإلفه، ومن نصيحة قومهم بإبلاغهم كل ما أرسلوا به، صارفاً القول إلى مظهر العظمة لأنه أدعى إلى قبول الأوامر :( وإذا ( فعلم أن التقدير : اذكر ذلك - أي ما سطرناه لك قبل هذا في كتابك، واذكر إذ ) أخذنا ( بعظمتنا ) من النبيين ميثاقهم ( في تبيلغ الرسالة في المنشط والمكره، وفي تصديق بعضهم لبعض، وفي اتباعك فيما أخبرناك به في قولنا
٧٧ ( ) لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه ( ) ٧
[ آل عمران : ٨١ ] وقولهم : أقررنا.


الصفحة التالية
Icon