صفحة رقم ٨٩
الأرض.
أي تجمع الحشيش، وقيل : هو من سرعة مرها، وفيه مع كثرة الجمع للخطى بتقاربها معنى الحدة، ومنه حش الفرس : أسرع، ومن الإشراف على الفساد : الحش - بالفتح وهو النخل الناقص القصير ليس بمسق ولا معمور، والحشاشة : رمق النفس، يقال : ما بقي من فلان إلا حشاشة أي رمق يسير يحي به، وعبارة القاموس، والحشاش والحشاشة، وهو أيضاً من الفرقة التي قد تلزم الجمع ومنه تحشحشوا أي تفرقوا، ومنه قلة الاستحشاش، وهو قلة القوم، ومن الحدة الناشئة عن القوة الناشئة : عن الجمع حششت النار أي أوقدتها وجمعت الحطب إليها، وكل ما قوي بشيء فقد حش به، والمحش : حديدة يوقد بها النار أي تحرك، والشجاع، قال القزاز، وهو محش حرب - إذا كان يسعرها بشجاعته، وحش فلان الحرب - إذا هيجها، ومنه تحشحشوا أي تحركوا، ومن مطلق الحدة : أحششته عن حاجته : أعجلته عنها، ومن الجمع والقوة : حش سمهه بالقذذ - إذا راشه فألزقها من نواحيه، وحشاشاك أن تفعل كذا أي قصارك أي نهاية جمعك لكل ما تقوى به، وحشاشا كل شيء : جانباه، والحشة - بالضم : القبة العظيمة، لكثرة جمعها وقوة تراصّها.
ولما وصفهم سبحانه بهذه الدنايا.
أخبر بأن أساسها وأصلها الذي نشأت عنه عدم الوثوق وتفرده لعدم الإيمان فقال :( أولئك ) أي البغضاء البعداء الذين محط أمرهم الدنيا ) ولم يؤمنوا ) أي لم يوجد منهم وأن أقرت به ألسنتهم.
ولما كان العمل لا يصح بدون الإيمان، سبب عن ذلك قوله :( أعمالهم ) أي أبطل أرواحها، فصارت أجساداً لا أرواح لها، فلا نفع لهم شيء منها لأنها كانت في الدنيا صوراً مجردة عن الأرواح التي هي القصود الصالحة، فإنهم لا قصد لهم بها إلا التوصل إلى الإغراض الدنيوية، وهذا إعلام بأن من كانت الدنيا أكبر همه فهو غير مؤمن، وأنه يكون خواراً عند الهزاهز، ميالاً إلى دنايا الشجايا والغرائز.
ولما كان من عمل عملاً لم يقدر غيره وإن كان أعظم منه أن يبطل نفعه به إلا بسعر شديد، قال تعالى :( وكان ذلك ) أي الإحباط العظيم مع ما لهم من الجرأة في الطلب والإلحاف عند السؤال وقلة الأدب ) على الله ( بما له من صفات العظمة التي تخشع لها الأصوات، وتخرس الألسن الذربات ) يسيراً ( لأنه لا نفع إلا منه وهو الواحد القهار، وأما غيره فإنما عسر عليه ذلك، لأن النفع من غيره - وإن كان منه حقيقة - قهره غيره بالشفاعات ووجود النكد أو غيرها عليه، وكأنهم لما ذهب استمرو خاضعين


الصفحة التالية
Icon