صفحة رقم ١٣٥
غيره ولا خالق سواه ولا منعم إلا هو، فإني أراكم تشركون به من لم يشركه في شيء من تدبيركم، والملك لا يقر على مثل هذا.
ولما أمرهم ونهاهم، علل ذلك فقال محذراً لهم من العذاب مؤكداً لما لهم من الإنكار لاعتمادهم على قوة أبدانهم وعظيم شأنهم :( إني أخاف عليكم ( لكونكم قومي وأعز الناس علي ) عذاب يوم عظيم ( لا يدع جهة إلا ملأها عذابه، إن أصررتم على ما أنتم فيه من الشرك.
الأحقاف :( ٢٢ - ٢٥ ) قالوا أجئتنا لتأفكنا.....
) قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ( ( )
ولما تشوف السامع إلى جوابهم عن هذه الحكمة، أجيب بقوله تعالى :( قالوا ) أي منكرين عليه :( أجئتنا ) أي يا هود ) لتأفكنا ) أي تصرفنا عن وجه أمرنا إلى قفاه ) عن آلهتنا ( فلا نعبدها ولا نعتد بها.
ولما كان معنى الإنكار النفي، فكان المعنى : إنا لا ننصرف عنها، سببوا عنه قولهم ) فأتنا بما تعدنا ( سموا الوعيد وعداً استهزاء به.
ولما كان ذلك معناه تكذيبه، زادوه وضوحاً بقولهم معبرين بأداة الشك إشارة إلى أن صدقه في ذلك من فرض المحال :( إن كنت ) أي كما يقال عنك.
كوناً ثابتاً ) من الصادقين ( في أنك رسول من الله وأنه يأتينا بما تخافه علينا من العذاب إن أصررنا.
ولما تضمن قولهم هذا نسبة داعيهم عليه الصلاة والسلام إلى ما لا دلالة لكلامه عليه بوجه، وهو ادعاء العلم بعذابهم والقدرة عليه وتكذبيه في كل منهما اللازم منه أمنهم اللازم منه ادعاؤهم العلم بأنهم لا يعذبون، وكانوا كاذبين في جميع ذلك كان كأنه قيل : بم أجابهم ؟ فقيل :( قال ( مصدقاً لهم في سلب علمه بذلك وقدرته عليه، مكذباً لهم في نسبتهم إليه ادعاء شيء منهما وإلى أنفسهم بأنه لا يقع :( إنما العلم ) أي المحيط بكل شيء عذابكم وغيره ) عند الله ) أي المحيط بجميع صفات الكمال، فهو ينزل علم ما توعدون على من يشاء إن شاء ولاعلم لي الآن ولا لكم بشيء من ذلك ولا قدرة.
ولما كان العلم المحيط يستلزم القدرة، فكان التقدير : فليست القدرة على الإتيان بعذابكم إلا له سبحانه وتعالى لا لي ولا لغيري، وليس عليّ إلا البلاغ كما أوحى إليّ ربي بقوله سبحانه ) ) إن عليك إلا البلاغ ( ) [ الشورى : ٤٨ ] وقد أبلغتكم ما أرسلت به


الصفحة التالية
Icon