صفحة رقم ١٣٨
الأحقاف :( ٢٦ - ٢٩ ) ولقد مكناهم فيما.....
) وَلَقَدْ مَكَّنَاهُمْ فِيمَآ إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَآ أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُواْ يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِه مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِّنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ قُرْبَاناً آلِهَةَ بَلْ ضَلُّواْ عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُواْ أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ ( ( )
لما كان هذا محلاً يتوقع فيه الإخبار عن حال مكنتهم ليعلم هل تركوا الدفع لمانع فيهم أو لأن ما أتاهم بحيث لا يمكن لأحد دفاعه، قال ذاكراً حرف التوقع مخوفاً للعرب مقسماً لأن قريشاً قد قال قائلهم : إنهم يدفعون العذاب بدفع الزبانية، ونحوها :( ولقد ) أي فعل بهم ذلك والحال أنا وعزتنا قد ) مكناهم ( تمكيناً تظهر به عظمتنا ) فيما إن ) أي الذي ما ) مكناكم فيه ( من قوة الأبداء وكثرة الأموال وغيرها، وجعل النافي ( أن ) لأنها أبلغ من ( ما ) لأن ( ما ) تنفي تمام الفوت لتركبها من الميم والألف التي حقيقة إدراكها فوت تمام الإدراك و ( أن ) تنفي أدنى مظاهر مدخولها فكيف بما وراءه من تمامه لأن الهمزة أول مظهر لفوت الألف والنون لمطلق الإظهار - هذا إلى ما في ذلك من عذوبة اللفظ وصونه عن ثقل التكرار إلى غير ذلك من بدائع الأسرار.
ولما كانت قريش تفتخر بعقولها فرمبا ظنت أنها فيالعقل ومقدماته من الحواس أمكن منهم، وأنهم ما أتى عليهم إلا من عدم فيهمهم، قال تعالى :( وجعلنا ) أي جعلاً يليق بما ( زدناهم عليكم ) من المكنة على ما اقتضته عظمتنا ) لهم سمعاً ( بدأ به لأن المقام للإنذار المنبه بحاسة السمع على ما في الآيات المرئيات من المواعظ، المرئيات من مطابقة واقعها لأخبار السمع، وجمع لكثرة التفاوت في أنوار الأبصار، وكذا في قوله :( وأفئدة ) أي قلوباً ليعرفوا بها الحق فيتبعوه والباطل فيجتنبوه ويشكروا من وهبها لهم، وختم بها لأنها الغاية التي ليس بعد الإدراك منتهى ولا وراءها مرمى، وعبر بما هو من التفود وهو التجرد إشارة إلى أنها في غاية الذكاء ) فما أغنى عنهم ( في حال إرسالنا إليهم الرحمة على لسان نبينا هود عليه الصلاة واسلام ثم النقمة بيد الريح ) سمعهم ( وأكد النفي بتكرير النافي فقال :( ولا أبصارهم ( وكذا في قوله :( ولا أفئدتهم ) أي لما أردنا إهلاكهم، وأكد بإثبات الجار فقال :( من شيء ) أي من الإغناء، وإن قلّ لا في دفع العذاب، ولا في معرفة الصواب، بل صرفوا ما وهبنا لهم من القوى فيما لا ينبعي


الصفحة التالية
Icon