صفحة رقم ١٦٠
ولما كان العسل أعزها وأقلها، أخره وإن كان أجلها فقال :( وأنهار من عسل ( ولما كان عسل الدنيا لا يوجد إلا مخلوطاً بالشمع وغيره من القذى قال :( مصفى ) أي هو صاف صفاء ما أجتهد في تصفيته من ذلك، وهذا الوصف ثابت له دائماً لا انفكاك له عنه في وقت ما، فقد حصل بهذا غاية التشويق إلى الجنة بالتمثيل بما يستلذ به من أشربة الدنيا لأنه غاية ما نعلم من ذكل مجرداً عما ينقصه أو ينغصه مع الوصف بالغزارة والاستمرار قال البغوي : قال كعب الأحبار : نهر دجلة نهر ماء أهل الجنة، ونهر الفرات نهر لبنهم، ونهر مصر نهر خمرهم، ونهر سبحان نهر عسلهم.
وهذه الأنهار الأربعة تخرج من نهر الكوثر.
وقال ابنعبد لحكم في فتوح مصر : حدثنا عثمان بن صالح ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما سأل كعب الأحبار رضي الله عنه : هل تجد لهذا النيل في كتاب الله تعالى خبراً ؟ قال : أي والذي فلق البحر لموسى، إني لأجده ف يكتاب الله أن الله عز وجل يوحي إليه في كل عام مرتين، ويحي إليه عن جريه أن الله يأمرك أن تجري، فيجري ما كتب الله له ثم يوحي إليه بعد ذلك : يا نيل غر حميداً.
حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن كعب الأحبار أنه كان يقول : أربعة أنها من الجنة وضعها الله عز وجل في الدنيا.
فالنيل نهر العسل في الجنة، والفرات نهر الخمر في الجنة.
وسيحان نهر الماء في الجنة.
وجيحان نهر اللبن في الجنة.
حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة قالا حدثنا يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن أبي جنادة الكناني أنه سمع كعباً يقول : النيل في الآخرة عسلاً أغزر ما يكون من الأنهار التي سمى الله عز وجل، ودجلة في الآخرة لبناً أغزر ما يكون من الأنهار التي سمى الله عز وجل، والفرات خمراً أغزر ما يكون من الأنهار التي سمى الله عز وجل، وجيحان ماء أغزر ما يكون من الأنهار التي سمى الله وأصل هذا كله ما في الصحيح في صفة الجنة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ( ﷺ ) :( سيحان وجيحان والنيل والفرات من أنهار الجنة ) وقال أبو حيان في حكمة ترتيبها غير ما تقدم : إنه بدئ بالماء الذي لا يستغنى عنه في المشروبات، ثم باللبن إذ كان يجري مجرى المطعومات


الصفحة التالية
Icon