صفحة رقم ١٦٩
رواية رويس عن يعقوب ) أن تفسدوا ) أي توقعوا الإفساد العظيم الذي يستمر تجديده منكم ) في الأرض ( بقتال يكرهه الله ويسخطه ويغضب أشد غضب على فاعله وتكونوا في غاية الجرأة عليه، فإن الذي رحكمك بإنزال ما أنزل حكم بأن من جبن عما يرضيه رغبة في الآخرة اجترأ على ما يسخطه حباً في الدنيا، وقد كنتم في الجاهلية على ذلك في الغارة من بعضكم على بعض ونحو ذلك ) وتقطعوا ( تقطعياً عظيماً شديداً كثيراً منتشراً كبيراً ) أرحامكم ( فتكونوا بذلك أعزة على المؤمنين كما كنتم أذلة على الكافرين، وأقل ما في إعراضكم خذلانكم للمؤمنين المجاهدين بما قد يكون سبباً لظهور الكافرين عليهم فتكونوا بذلك قد جمعتم بين قطيعة أرحامهم وفقدكم لما كان يصل إليكم من منافعهم، فإن كففتم بعدهم عن قتلهم كنتم مع ما فاتكم من خيرهم أجبن الناس وأرضاهم بالار، وإن تعاطيتم الأخذ بثأرهم كنتم كمن أخذ في فعل ما أمر به بعد فواته وأن له ذلك، وقد علم من هذا أن من أمر بالمعروف وجاهد أهل المنكر أمن الإفساد في الأرض وقطعية الرحمن، ومن تركه وقع فيهما، ويمكن أن يكون ( توليتم ) من ولاية الأمر، فتكون الآية مشيرة إلى ولاية الفجرة ومنذرة بذلك أن اصنع الأمر بالمعروف، وقد وقع ذلك وشوهد ما ابتنى عليه من الفساد والقطيعة، وعزائم الأنكاد وسوء الصنيعة.
محمد :( ٢٣ - ٢٦ ) أولئك الذين لعنهم.....
) أَوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّواْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ ( ( )
ولما بين لهم ما يكون ممن تثاقل عن أمر الله، لأن الملك لا يطرق احتمالاً في شيء إلا وهو واقع فرقاً بين كالمه وكلام غيره، فكيف بملك الملوك المحيط بكل شيء قدرة وعلماً، بين حالهم الذي أنتج لهم ذلك، فقال ملتفتاً عنهم إيذاناً بالغضب مخاطباً لمن جبل على الشفقة على خلق الله والرحمة لهم إعلاماً له بأن هؤلاء قد تحتم شقاؤهم فليسوا بأهل للشفاعة فيهم ولا للأسى عليهم :( أولئك ) أي البعداء البغضاء ) الذين لعنهم الله ) أي طردهم أشد الطرد الملك الأعظم لما ذكر من إفسادهم وتقطيعهم ؛ ثم سبب عن لعبهم قوله تعالى :( فأصمهم ( عن الانتفاع بما يسمعون ) وأعمى أبصارهم ( عن الارتفاق بما يبصرون، فليس سماعهم سماع ادكار، ولا إبصارهم إبصار اعتبار، فلا سماع لهم ولا إبصار.


الصفحة التالية
Icon