صفحة رقم ١٨٦
والسلام :( ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا ) - وعقد السابة بالإبهام، أشار عليه الصلاة والسلام إلى تولي العرب واستيلاء غيرهم الواقع في الآيتين، وإنما أشار عليه الصلاة والسلام بقوله ( اليوم ) إلى التقديم والتأخير، وفرغ هذا الأمر إلى أيام أبي جعفر المنصور، فغلبت الفرس والأكراد وأهل الصين وصين الصين - وهو ما يلي يأجوج ومأجوج - وكان فتحاً وعزاً وظهوراً لكلمة الإسلام، وغلب هؤلاء في الخطط والتدبير الإماري وسادوا غيرهم، ولهذا جعل ( ﷺ ) مجيئهم فتحاً فقال :( فتح اليوم ) ولو أراد غير هذا لم يعبر بفتح، ألا ترى قول عمر لحذيفة رضي الله عنهما في حديث الفتن حين قال له ( إن بينك وبينها باباً مغلقاً ) فقال عمر : أيفتح ذلك الباب أم يكسر ؟ فقال : بل يكسر.
ففرق بين الفتح والكسر، وإنما أشار إلى قتل عمر رضي الله عنه، ولذا قال عليه الصلاة والسلام ( فتح ) وقال :( من ردم يأجوج ومأجوج ) وأراد من نحوهم وجهتهم وأقاليمهم، لأن الفرس ومن أتى معهم هم أهل الجهات التي تلي الردم، فعلى هذا يكون قوله تعالى :( وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ( إشارة إلى غلبة منذكرنا وانتشارهم في الولاياة والخطط الدينية والمناصب العلمية.
ولما كان هذا قبل أن يوضح أمره يوهم نقصاً وخطأ، بين أنه تجديد فتح وإعزاز منه تعالى لكلمة الإسلام، فقال تعالى :( إنا فتحنا لك فتحاً مبنياً ( الآيات، ذكر القاضي أبو بكر بن العربي في تلخيض التلخيض علماء المالكية مشيراً إلى تفاوت درجاتهم ثم قال : وأمضاهم في النظر عزيمة وأقواهم فيه شكيمة أهل خراسان : العجم أنساباً وبلداناً، والعرب عقائد وإيماناً، الذين ينجز فيهم وعد الصادق المصدوق، ولمكهم الله مقاليد التحقيق حين أعرضت العرب عن العلوم وتولت عنها، وأقلبت على الدنيا واستوثقت منها، قال أصحاب رسول الله ( ﷺ ) : يا رسول الله من هؤالء الذين قال الله ) وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ( فأشار عليه الصلاة والسلام إلى سلمان وقال :( لو كان الإيمان في الثريا لناله رجال من هؤلاء ) - انتهى.
ولما أخبر سبحانه بالفتح عقب سورة ) الذين كفروا ( بشارة بظهور أهل هذا الدين وإدبار الكافرين - كما سيأتي في إيلاء سورة النصر بسورة الكافرين، لذلك علل الفتح