صفحة رقم ٢٠٦
غير شك، وهذا من أعلام النبوة فإنه لم يزغ أحد من المخاطبين بهذه الآية وهم أهل الحديبية وكأنه والله أعلم لذلك لم يقل : ويهديهم - بالغيب على ما اقتضاه السياق لئلا يغم غيرهم ممن يظهر صدقه في الإيمان ثم يزيغ، ولذا أكثر تفاصيل هذه السورة من أعلام النبوة، فإنه وقع الإخبار به قبل وقوعه.
ولما سرهم سبحانه بما بشرهم به من كون القضية فتحاً ومن غنائم خيبر، أتبع ذلك البشارة دالاً على أنها لا مطمع لهم في حوزه ولا علاجه لولا معونته فقال :( وأخرى ) أي ووعدكم مغنم كثيرة غير هذه وهي - والله أعلم - مغانم هوازن التي لم يحصل قبلها ما يقاربها.
ولما كان في علمه سبحانه وتعالى أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم مقرون فيها إلا من لا يمكنه في العادة أن يهزمهم ليحوي الغنائم، فكان ما في علمه تعالى لتحققه كالذي وقع وانقضى، قال تعالى :( لم تقدروا ) أي بما علمتم من قراركم ) عليها ( ولما توقع السامع بعد علمه بعجزهم عنها الإخبار عن السبب الموصل إلى أخذها بما تقرر عند من صدق الوعد ) بها ( فكانت بمنزلة ما أدير عليه سورة مانع من أن يغلب منها شيء عن حوزتكم أو يقدر غيركم أن يأخذ منها شيئاً، ولذلك وللتعميم ختم الآية بقوله :( وكان الله ) أي المحيط بجميع صفات الكمال أزلاً وأبداً ) على كل شيء ( منها ومن غيرها ) قديراً ( بالغ القدرة لأنه بكل شيء عليم.
الفتح :( ٢٢ - ٢٥ ) ولو قاتلكم الذين.....
) وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كفَرُواْ لَوَلَّوُاْ الأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً هُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكمْ مِّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ( ( )
ولما قدم سبحانه أنه كف أيدي الناس عنكم أجمعين، ذكر حكمهم لو وقع قتال، فقال مقرراً لقدرته عاطفاً على نحو : فلو أراد لمكنكم من الاعتمار، مؤكداً لأجل استبعاد من يستبعد ذلك من الأعراب وغيرهم :( ولو قاتلكم ) أي في هذا الوجه ) الذين كفروا ) أي أوقعوا هذا الوصف من الناس عموماً الراسخ فيه ومن دونه، وهم أهل مكة ومنلهم إلى كراع الغميم، ولم يكن أسلم بعد ) لولوا ) أي بغاية جهدهم ) الأدبار ( منهزمين.