صفحة رقم ٢٠٨
السير قالوا : ودعا رسول الله ( ﷺ ) خراش بن أمية الخزاعي رضي الله عنه فبعثه إلى قريش بمكة وحمله على بعير له فقال له التغلب : ليبلغ أشرافهم عنه ما جاء له فعقروا جمل رسول الله ( ﷺ ) وأرادوا قتله، فمنعه الأحابيش فخلوا سبيله حتى أتى رسول الله ( ﷺ ) وبعثت قريش أربعين رجلاً منهم أو خمسين وأمروهم أن يطوفوا بعسكر رسول الله ( ﷺ ) ليصيبوا لهم من أًحابه أحداً فأخذوا أخذاً فأتى بهم رسول الله ( ﷺ ) فعفا عنهم وخلى سبيلهم، وقد كانوا رموا في عسكره بالحجارة والنبل، ثم ذكروا إرساله ( ﷺ ) لعثمان رضي الله عنه إلىمكة ثم إرسال قريش لسهيل بن عمرو في الصلح، وروى مسلم في صحيحه عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : لما اصطلحنا واختلط بعضنا ببعض أتيت شجرة فاضطجعت في أصلها فأتاني أربعة من المشركين من أهل مكة، فجعلوا يقعون في النبي ( ﷺ ) فأبغضتهم، فتحولت إلى شجرة أخرى، وعلقوا سلاحهم واضطجعوا، فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من أسفل الوادي : يا آل المهاجرين : قتل ابن زنيم، فاخترطت سيفي ثم شددت على أولئك الأربعة وهم رقود فأخذت سلاحهم، فجعلته ضغثاً في يدي، ثم قلت والذي كرم وجه محمد ( ﷺ ) لا يرفع أحد منك رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله ( ﷺ ) وجاء عمي عامر رضي الله عنه برجل من العبلات يقال له مكرز يقوده إلى رسول الله ( ﷺ ) على فرس مجفف في سبعين من المشركين، فنظر إليهم رسول الله ( ﷺ ) فقال : دعوهم يكن لهم بدء الفجور وثناه، فعفا عنهم فأنزل الله تعالى ) وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ( الآية - انتهى.
وروى مسلم والنسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن ثمانين رجلاً من أهل مكة هبطوا على رسول الله ( ﷺ ) من قبل التنعيم متسلحين، يريدون غرة النبي ( ﷺ ) وأصحابه رضي الله عنهم، وفي رواية النسائي : قالوا : نأخذ محمداً - ( ﷺ ) وأصحابه، فأخذهم النبي ( ﷺ ) سلماً فاستحياهم فأنزل الله عز وجل ) وهو الذي كف أيديهم عنكم ( الآية.
ولما كان هذا ونحوه من عنف أهل مكة وغلظتهم وصلابتهم وشدتهم ورفق النبي ( ﷺ ) ولينه لهم مما أحزن أغلب الصحابة رضي الله تعالى عنهم قال تعالى سلبهم :( وكان الله ) أي المحيط بالجلال والإكرام ) بما يعلمون ) أي الكفار - على قراءة أبي عمرو بالغيب، وأنتم - على قراءة الباقين بالخطاب في ذلك الوقت وفيما بعده كما كان قبله ) بصيراً ) أي محيط العلم ببواطن ذلك كما هو محيط بظواهره فهو يجريه في


الصفحة التالية
Icon