صفحة رقم ٢١٤
أي الأمر الثابت الكامل في الثبات الذي يطابقه الواقع ) ليظهره ) أي دينه ) على الدين كله ( دين أهل مكة والعرب عباد الأصنام، الذي يقتضي إظهاره عليه دخوله إليه آمناً، وإظهاره على من سواهم من أهل الأديان الباطلة بأيدي صحابته الأبرار والتابعين لهم بإحسان إظهاراً يتكامل بنزول عيسى عليه الصلاة والسلام مع الرفق بالخلق والرحمة لهم، فلا يقتل إلا من لا صلاح له أصلاً، وعلى قدر الجبروت يحصل القهر، فلأجل ذلك هو يدبر أمره بمثل هذه الأمور التي توجب نصره وتعلي قدره مع الرفق بقومه وجميل الصنع لأتباعه، فلا بد أن تروا من فتوح أكثر البلاد وقهر الملوك الشداد ما تعرفون به قدرة الله سبحانه وتعالى.
ولما كان في سياق إحاطة العلم، وكان التقدير : شهد ربه سبحانه بتصديقه في كل ما قاله بإظهار المعجزات على يده، بنى عليه قوله تعالى ) وكفى بالله ) أي الذي له الإحاطة بجميع صفات الكمال ) شهيداً ) أي ذا رؤية وخبرة بطية كل شيء ودخلته لما له الغنى في أمره، ولا شهيد في الحقيقة إلا هو سبحانه لأنه لا إحاطة وخبرة ورقبة إلا له سبحانه، وهو يشهد بكل ما أخبر به رسوله ( ﷺ ) في هذه الصورة خصوصاً وفي غيرها عموماً.
الفتح :( ٢٨ - ٢٩ ) هو الذي أرسل.....
) مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ( ( )
ولما ختم سبحانه بإحاطة العلم بالخفايا والظواهر في الأخبار بالرسالة، عينها في قوله جوابا لمن يقول : من الرسول المنوه باسمه :( محمد رسول الله ) أي الملك الذي لا كفوء له، فهو الرسول الذي لا رسول يساويه لأنه رسول إلى جميع الخلق ممن أدرك زمانه بالفعل فيالدنيا ومن تقدمه بالقونة فيها وبالفعل في الآخرة يوم يكون الكل تحت لوائه، وقد أخذ على الأنبياء كلهم الميثاق بأن يؤمنوا بع إن أدركوه، وأخذ ذلك الأنبياء على أممهم، لا يكتب الرحمة التي وسعت كل شيء إلا لمن وقع العلم بالمحيط بأنه يؤمن به. فما عمل عامل عملا صالحا إلا كان له مثل أجره، تقدم ذلك العامل أو تاخر، كان من أهل السماء أو من أهل الأرض، وهذا أمر لا يحصيه إلا الله سبحانه وتعالى، وأشار بذلك إلى هذا الاسم بخصوصه في سورة محمد إلى أنه ( ﷺ ) هو الختام، بما أشارت إليه الميم التي مخرجها ختام المخارج، وهي محيطة بما أشارت إليه