صفحة رقم ٢٥٧
وشدته وغمرته، يصير الميت بها كالسكران، لا يعي وتخرج بها أحواله وأفعاله وأقواله عن قانون الاعتدال، ومجيئاً متلبساً ) بالحق ) أي الأمر الثابت الذي يطابقه الواقع فلا حيلة في الاحتراس منه من بطلان الحواس وكشف الغطاء عن أحوال البرزخ من فتنة السؤال وضيق المجال أو سعة الحال، وقيل للميت بلسان الحال إن لم يكن بلسان القال :( ذلك ) أي هذا الأمر العظيم العالي الرتبة الذي يحق لكل أحد الاعتداد له بغاية الجد ) ما ) أي الأمر الذي ) كنت ( جبلة وطبعاً.
ولما كانت نفرته منه وهربه من وقوعه بحفظ الصحة ودواء الأداء في الغاية، كان كأنه لا ينفر غلا منه، فأشار إلى ذلك بتقديم الجارّ فقال :( منه تحيد ) أي تميل وتنفر وتروع وتهرب.
ق :( ٢٠ - ٢٦ ) ونفخ في الصور.....
) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمَ الْوَعِيدِ وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ( ( )
ولما كان التقدير : فأخذ ذلك الإنسان بالقهر من بين الأهل والإخوان، والعشائر والجيران، وضم إلى عسكر الموتى وهم بالبرزخ نزول، ولانتظار بقيتهم حلول، ولم يزالوا كذلك حتى تكامل القادمون عليهم الواصلون إليهم، عطف عليه قوله مبيناً لإحاطة من عامل الملكوت والعز والجبروت :( ونفخ ) أي بأدنى إشارة وأيسر أمر ) في الصور ( وهو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام للموت العام والبعث العام عند وهو عليه الصلاة والسلام والقتم الصور من حين بعث النبي ( ﷺ ) وحنى جبهته وأصغى سمعه ينتظر متى يؤمر، فيا لها من عظمة ما أغفلنا عنها، وأناسنا لها، وآمننا منها، والمراد بهذه نفخة البعث.
ولما كان ذلك الأثر عن النفس هو سرا الوجود، وأشار إلى عظمته بقوله :( ذلك ) أي الوقت الكبير العظيم الأهوال والزلازل والأوجال ) يوم الوعيد ) أي الذي يقع فيه ما وقع الإيعاد به.


الصفحة التالية
Icon