صفحة رقم ٢٨٧
لكم منه ) أي لا من غيره ) نذير ( أ يمن أن يفر أحد إلى غيره فإنه لا يحصل له قصده.
لما أقام الدليل العقلي الظاهر جداً بما يعلمه أحد في نفسه على ما قاله في هذا الكلام الوحيد قال :( مبين ( ففرار العامة من الجهل إلى العلم عقداً وسعياً، ومن الكسل إلى التشمير حذراً وحزماً، ومن الشيق إلى السعة ثقة ورجاء، وفرار الخاصة من الخير إلى الشهود، ومن الرسوم إلى الأصول، ومن الحظوظ إلى التجريد، وفرار خاصة الخاصة مما دون الحق إلى الحق إشهاداً في شهود جلاله واستغراقاً في وحدانيته، قال القشيري : ومن صح فراره إلى الله صح فراره مع الله - انتهى.
وهو بكمال المتابعة ليس غيره، ومن فهم منه اتحاداً بصفة أو ذات فقد ما حد طريق القوم فعليه لعنه الله.
الذاريات :( ٥٢ - ٥٥ ) كذلك ما أتى.....
) كَذَلِكَ مَآ أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُواْ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَتَوَاصَوْاْ بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ( ( )
ولما ثبت أنه لا ملجأ إلا إلى الله الواحد المنزه عن الزوج، وذلك هو الله الذي له الكمال كله، وكان ربما وقع في وهم أن في الوجود من غير الزوجين المعروفين من نفزع إليه كما نفزع إلى وزير الملك وبوابه ونحو ذلك مما يوصل إليه، قال محذراً من سطواته :( ولا تجعلوا ) أي بأهوائكم ) مع الله ( وكرر الاسم الأعظم ولم يضمر تعييناً للمراد لأنه لم يشاركه في التسمية به أحد وتنبيهاً على ما له من صفات الكمال وتعميماً لوجوه المقاصد لئلا يظن، وقيل ( معه ) إن المراد انلهي عن الجعل من جهة الفرار لا من جهة غيرها ) إلهاً (.
ولما كان المراد كمال البيان، منع مجاز التجيد منع تعنت من يطعن بتكثير الأسماء كما أشار إليه بقوله ) قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن ( الآية بقوله :( آخر ( ثم علل النهي مع التأكيد لطعنهم في نذارته فقال :( إني لكم منه ) أي لا من غيره فإن غيره لا يقدر على شيء ) يذير ) أي محذر من الهلاك الأبدي بالعقوبة التي لا خلاص منها إن فعلتم ذلك ) مبين ) أي لا أقول شيئاً من واضح النقل إلا ودليله ظاهر من صريح العقل.
ولما ذكر قولهم المختلف الذي منه تكذيب الرسول ( ﷺ ) ونسبته إلى السحر والجنون وغير ذكل من الفنون، ومنه الإشراك مع اعترافهم بأنه لا خالق إلا الله ولا كاشف ضر غيره إلى غير ذلك من انواع الاضطراب، وأخبر بهلاكتهم على ذلك وحذرهم منه ودل عليه إلى أن ختم بإنذار من اتخذ إلهاً غيره قال مسلياً :( كذلك ) أي مثل قول قومك المختلف العظيم الشناعة، البيعد من الصواب، بما له من الاضطراب،


الصفحة التالية
Icon