صفحة رقم ٢٩٨
وشدة سوادها واستدارة حدقتها ورقة جفونها في غاية لا توصف ) عين ) أي واسعات الأعين في رونق وحسن.
ولما وصف حال المتقين من أعداء المكذبين وبدأ بهم لشرفهم، أتبعهم من هو أدنى منهم حالاً لتكون النعمة تامة فقال :( والذين آمنوا ( يعني أقروا بالإيمان ولم يبدلوا ولا بالغوا في الأعمال الصالحة.
ولما كان من هؤلاء من لا يتبه ذريته بسبب إيمانه لأنه يرتد عنه، عطف على فعلهم تمييزاً لهم واحترازاً عمن لم يثبت قوله :( واتّبعتهم ) أي بما لنا من الفضل الناشىء عما لنا من العظمة ) ذرياتهم ( الصغار والكبار وإن كثروا، والقرار لأعينهم بالكبار بايمانهم والصغار بإيمانهم آبائهم ) بإيمان ) أي بسب إيمان حاصل منهم، ولو كان في أدنى درجات الإيمان، ولكنهم ثبتوا عليه إلى أن ماتوا، وذلك هو شرط إتباعهم الذريات، ويجوز أن يراد وهو أقرب : بسبب إيمان الذرية حقيقة إن كانوا كباراً، وحكماً إن كانوا صغاراً، ثم أخبر عن الموصول بقوله :( ألحقنا بهم ) أي فضلنا لأجل عمل آبائهم ) ذرياتهم ( وإن لم يكن للذرية بالسبب وهو المعنى :( ولأجل عين ألف عين تكرم ) ويلحق بالذرية من النسب الذرية بالسبب وهو المحبة، فإن كان معها آخذ لعلم أو عمل كانت أجدر، فتكون ذرية الإفادة كذرية الولادة، وذلك لقول النبي ( ﷺ ) ( المرء مع من أحب ) في جواب من سأل عمن يحب القوم ولم يلحق بهم.
ولما كان ربما خيف أن ينقص الآباء بسبب إلحاق ذرياتهم بهم شيئاً من درجاتهم، قال :( وما ألتناهم ) أي نقصنا الآباء وحبسنا عنهم ) من عملهم ( وأكد النفي بقوله :( من شيء ( بسبب هذا الإلحاق وكان من فوق رتبتهم من الذين يؤمنون والمؤمنين والمتقين وغيرهم أولى منهم، وإنما فصلهم منهم لأن هؤلاء قد لا يوقنون قبل دخول الجنة العذاب، قال جامعاً للفريقين، أو يقال - ولعله أقرب - أنه لما ذكر اتباع الأدنى للأعلى في الخير فضلاً، أشفقت النفس من أن يكون إتباع في الشر فأجاب تعالى بأنه لا يفعل بقوله :( كل امرىء ) أي من الذين آمنوا والمتقين وغيرهم ) بما كسب ) أي من ولد وغيره ) رهين ) أي مسابق ومخاطر ومطلب وآخر شيئاً بدل كسبه وموفي على قدر ما يستحقه ومحتبس به إن كان عاصياً، فمن كان صالحاً كان آخذاً بسبب صلاح ولده لأنه كسبه، ولا يؤخذ به ذلاً وهو حسن في نفسه لأجل الحكم بإيمانه سواء كان