صفحة رقم ٣٣١
الأَوْفَى وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ) ٧٣
( ) ٧١
ولما نفى أن يضره إثم غيره نفى أن ينفعه سعي غيره فقال :( وأن ليس للإنسان ( كائناً من كان ) إلا ما سعى ( فلا بد أن يعلم الحق في أي جهة فيسعى، ودعاء المؤمنين للمؤمن سعيه بمواددته لهم ولو بموافقته لهم في الدين وكذا الحج عنه والصدقة ونحوهما، وأما الولد فواضح في ذلك، وأما ما كان لسبب العلم ونحوهما فكذلك، وتضحية للنبي ( ﷺ ) في عزامته أصل كبير في ذلك، فإن من تبعه فقد وادده، وهذا أصل في التصدق عن الغير وإهداء ما له من الثواب في القراءة ونحوها.
ولما ثبت أنه ليس له ولا عليه إلا ما عمل، وكان في الدنيا قد يفعل الشيء من الخير والشر ولا يراه من فعله لأجله ولا غيره نفى أن يكون الآخرة كذلك بقوله :( وأن سعيه ) أي من خير وشر ) سوف ) أي من غير شك بوعد لا خلف فيه وإن طال المدى.
ولما كان الاطلاع نفسه مرضياً أو مخزياً لا بالنسبة لأحد بعينه، بناه للمجهول بقوله :( يرى ( ولما كان المخوف منه المجاواة مطلقاً لا من مجاز معين قال :( ثم يجزاه ( ولما كان في هذه الدار ربما وقعت المسامحة ببعض الأشياء والغفلة عن بعضها، قال :( الجزاء الأوفى ) أي الإثم الأكمل، إن كان خيراً فمع المضاعفة، وإن كان غيره فعلى السواء لمن أراد الله ذلك له ويعفو عن كثير، لكنه تذكرة له.
ولما كانت رؤية الأعمال لا تقطع برؤية المتوكلين بها من الملائكة أو غيرها ممن أقامه الله لذلك، وكان الرائي كلما كان أكثر كان الأمر أهول، وكان رؤية الملك الأعظم أخوف، قال عاطفاً على ) لا تزر ( مبيناً بحروف الغاية أن الرائين للأعمال كثير لكثرة جنوده سبحانه :( وأن إلى ربك ) أي المحسن إليك لا غيره ) المنتهى ) أي الانتهاء برجوع الخلائق حساً بالبعث ومعنى بالعمل والعلم، وإسناد الأمور وإرسال الآمال، ومكان رجوعهم وزمانه كما كان منه المبتدأ، أكد ذلك خلقاً لذلك كله وحساباً عليه، روي البغوي من طريق أبي جعفر الرازي عن أبي بن كعب رضي الله عنه عن النبي ( ﷺ ) في هذه الآية قال ( لا فكرة في الرب ) قال : ومثل هذا ما روي عن أبي هريرة رضي


الصفحة التالية
Icon