صفحة رقم ٣٤٠
ولما كان الإخبار باقترابها يحتاج عند المعاند غلى آية دالة عليه، وكانت الآيات السماوية أعظم، فاتأثير فيها أدل على تمام الاقتدار، وكان المر أدل على الأنواء التي بها منافع الخلق في معاشهم، وكانت العرب أعرف الناس بها، دلهم على التأثير فيه على اقترابها مع الإرهاب من شدائد العذاب بإعدام الأسباب فقال :( وانشق ( بغاية السرعة والسهولة ) القمر ( آية للرسول المنذر لكم بها، كفان انشقاقه - مع الدلالة على ذلك بإعجاز القرآن وغيره - دالاً على كونها وقربها أيضاً بالتأثير العظيم الخارق لعادة ما قبله من التأثير في أحد النيرين اللذين هما أعظم الأسباب المقامة للمعايش الدال على القدرة على التأثير في الآخرة الدال ذلك على القدرة على تمام التصرف فيهما من جمعهما وخسفهما واعتدامهما ولسببهما ( ؟ ) الذي هو من أسباب خراب الأرض، يقول الإنسان عنده : أين المفر ؟ المؤذن بطيّ العالم المعلم بأن له رباً فاعلاً بالاختيار مدبراً بالحكم الدال على بعث عباده ليحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون، فيثيب من تابع رسله ويعاقب من خالفهم، وانشقاق القمر على حقيقيته في زمان النبي ( ﷺ ) أمر شهير جداً، وإجماع أهل التفسير عليه كما قاله القشيري، وقال : رواه ابن مسعود رضي الله عنده ولا مخالف له فيه - انتهى.
وذلك أن قريشاً سألوا النبي ( ﷺ ) أن يريهم آية ( فأراهم انشاق القمر بحيث طلعت فرقة عن يمين حراء وأخرى عن يساره ) - رواه الشيخان عن ابن مسعود وأنس رضي الله عنهما، ومعلوم أن الأمة تلقت كتابيهما بالقبول فهو يكاد يلحق بالمتواتر وقد أيده القرآن فمل يبق فيه شك، قال القشيري : سبب نزولها أن مشركي العرب من قريش قالوا للنبي ( ﷺ ) : إن كنت صادقاً فشق - انتهى، ومن قال : المراد به ( سيشق ) يحتاج في صرف الماضي عن حقيقته إلى المستقبل إلى صارف وأنى له ذلك ولا سميا وقد تأيدت الحقيقة بالنسبة الصحيحة الشهيرة.
وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير : لما أعلمهم سبحانه بأن إليه المنتهى، وأن عليه النشأة الأخرى، وإذا ذاك يقع جزاء كل نفس بما أسلفت، أعلمهم سبحانه بقرب ذلك وحسابه ليزدجر من وفقه للازدجار فقال تعالى :( اقتربت الساعة وانشق القمر ( ثم إن سورة ص تضمنت من عناد المشركين وسوء حالهم وتوبيخهم في عبادتهم ما لا يضر ولا ينفع ما يكاد يوجد في غيرها مما تقدمها، وبعد التنبيه في السورة قبلها والتحريك


الصفحة التالية
Icon