صفحة رقم ٣٦١
طاقة، وتلاشى عندها صياحهم حين نادوا صاحبهم لعقر الناقة.
ولما تسبب عنها هلاكهم قال :( فكانوا ( كوناً عظيماً ) كهشيم المحتظر ) أي محطمين كالشجر اليابس الذي جعله الراعي ومن في معناه ممن يجعل شيئاً يأوي إليه ويحتفظ به ويحفظ به ماشيته في وقت ما لا يقاله ( ؟ ) وهو حظيره أي شيء مستدير مانع في ذلك الوقت لمن يدخل إليه فهو يتهشم ويتحطم كثير منه وهو يعمله فتدوسه الغنم ثم تتحطم أولاً فأولاً، وكل ما سقط منه شيء فداسته الغنم كان هشيماً، وكأنه الحشيش اليابس الذي يجمعه صاحب الحظيرة لماشيته.
القمر :( ٣٢ - ٣٩ ) ولقد يسرنا القرآن.....
) وَلَقَد يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْاْ بِالنُّذُرِ وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ ( ( )
ولما كان التقدير : لفقد أبلغنا في الموعظة لكل من يسمع هذه القصة، عطف عليه قوله مؤكداً لأجل من يعرض عن هذا القرآن ويعلل إعراضه عنه بصعوبته :( ولقد يسرنا ) أي على ما لنا من القدرة والعظمة ) القرآن ) أي الكتاب الجامع لكل خير، الفارق بين كل ملبس ) للذكر ) أي الحفظ والتذكير والتذكر وحصول انباهة به والشرف إلى الدارين.
ولما كان هذا غاية في وجوب الإقبال عليه لجميع المتولين، قال :( فهل من مدكر ) أي ناظر فيه بسبب قلونا هذا بعين الإنصاف والتجرد عن الهوى ليرى كل ما أخبرنا به فنعينه عليه.
ولما كان النذير : كأنه قال المنذرين لم يتعظوا به فزاد في وعظهم، وكانت قصة لوط عليه السلام مع قومه أعظم ما كان بعد ثمود مما تعرفه العرب بالأخبار ورؤية الآثار، ومع ما في قصتهم من تصوير الساعة من تبديل الأرض ير الأرض، استأنف قوله :( كذبت قوم لوط ) أي وهم في قوة عظيمة على ما يحاولونه وإن كانوا في تكذيبهم هذا في ضعف وقوع النساء عن التجرد مما دل عليه تأنيث الفعل بالتاء وكذا ما قبلها من القصص ) بالنذر ) أي الإنذار والإنذارات والمنذرين، ودل على تناهي القباحة في مرتكبهم بتقديم الإخبار عن عذابهم فقال :( إنا ) أي بما لنا من العظمة ) أرسلنا ( ودل على أنه إرسال إهانة بقوله :( عليهم ( ودل على هوانهم وبلوغ أمره كل ما يراد به بقوله :( حاصباً ) أي ريحاً ترمي بحجارة هي دون ملء فكانت مهلكة لهم محرقة خاسفة مفرقة ) إلا آل لوط ( وهم من آمن به وكان بحيث إذا رأيته فكأنك رأيت لوطاً عليه السلام لما يلوح عليه من أفعاله والمشي على منواله في أقواله وأحواله وأفعاله.


الصفحة التالية
Icon