صفحة رقم ٣٦٤
القمر :( ٤٠ - ٤٤ ) ولقد يسرنا القرآن.....
) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ وَلَقَدْ جَآءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ كَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عِزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَآءَةٌ فِي الزُّبُرِ أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ ( ( )
ولما كرر هذا التكرير، علم منه أن سبب العذاب التكذيب بالإنذار لأي رسول كان، وكان استئناف كل قصة منبهاً على أنها أهل على حدتها لأن يتعظ بها، علم أن التقدير : فلقد بلغت هذه المواعظ النهاية لمن كان له قلب، فعطف عليه قوله مذكراً بالنعمة التي لا عدل لها :( ولقد يسرنا ) أي تعالى جدنا وتناهى مجدنا ) القرآن ( الجامع الفارق ) للذكر ( ولو شئنا لأعليناه بما لنا من العظمة إلى الحد حتى تعجز القوي عن فهمه، كما أعليناه إلى رتبة وقفت القوى عن معارضته في نظمه، أو مطلع لا يتشبث بأذيال أدنى علمه، إلا الأفراد من حذاق العباد، فكيف بما فوق ذلك.
ولما كانوا مع ذلك واقفين عن المبادرة إليه والإقبال عليه، قال تطلفاً بهم وتعطفاً عليهم مسبباً عن ذلك :( فهل ( وأكد فقال :( من مدكر ( مفتك لنفسه من مثل هذا الذي أوقع فيه هؤلاء أنفسهم ظناً منهم أن الأمر لا يصل إلى ما وصل إليه جهلاً منهم وعدم اكتراث بالعواقب.
ولما كان الآخر ينبغي له أن يحذر ما وقع للأول، وكان قوم فرعون قد جاء بعد قوم لوط عليه السلام، فكان ربما ظن أنهم لم ينذروا لأن من علم أن العادة جرت أن من كذب الرسل هلك أنكر أن يحصل ممن تبع ذلك تكذيب، قال مقسماً :( ولقد جاء آل فرعون ) أي ملك القبط بمصر وأشرافه الذين إذا رؤوا كان كأنه رئي فيهم لشدة قربهم منه وتخلقهم بأخلاقهم ) النذر ) أي المنذرون بنذارة موسى وهارون عليهما السلام، فإن نذارة بعض الأنبياء كنذارة الكل لأنه يأتي أحد منهم إلا وله من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، والمعجزات كلها متساوية في خرق العادة، وكان قد أنذرهم يوسف عليه السلام، ولما كان كأنه قيل : فما فعلوا عند مجيء ذلك إليهم، قال :( كذبوا ) أي تكذيباً عظيماً متسهينين ) بآياتنا ( التي أتاهم بها موسى عليه السلام وغيرها لأجل تكذيبهم بها على ما لها من العظمة المعرفة قطعاً عن أنها من عندنا.
ولما كانت خوارق العادات كما مضى متساوية الأقدام في الدلالة على صدق الآتي بها، وكانوا قد صمموا على أنه مهما أتاهم بآياة كذبوا بها، كانوا كأنهم قد أتتهم كل آية لفذلك قال :( كلها ( وسبب عن ذلك القول :( فأخذناهم ) أي بما لنا من العظمة بنحو ما أخذنا به قوم نوع من الإغراق ) أخذ عزيز ) أي لا يغلبه شيء وهو يغلب كل شيء


الصفحة التالية
Icon