صفحة رقم ٤٠٥
منزلتهم فلذلك سبقوا إلى منزلتهم وهي جنتهم وهم قسمان كما يأتي عن الرازي، وعن المهدوي أن النبي ( ﷺ ) قال :( السابقون الذين إذا أعطوا الحق قبلوه وإذا سألوه بذلوه وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم ).
ولما بين علو شأنهم ونسب السبق إليهم، ترجمه نازعاً للفعل منهم بقوله :( أولئك ) أي العالو الرتبة جداً من الذين هم أصحاب الميمنة ) المقربون ) أي الذين اصطفاهم الله تعالى للسبق فأرادهم لقربه أو أنعم عليهم بقربه ولولا فعله في تقريبهم لم يكونوا سابقين، قال الرازي في اللوامع : المقربون تخلصوا من نفوسهم فأعمالهم كلها لله ديناً ودنيا من حق الله وحق الناس، وكلاهما عندهم حق الله، والدنيا عندهم آخرتهم لأنهم يراقبون ما يبدو لهم من ملكوته فيتلقونه بالرضا والانقياد، وهم صنفان فصنف قلوبهم في جلاله وعظمته هائمة قد ملكتهم هيبتهم فالحق يستعملهم، وصنف آخر قد أرخى من عنانه، فالأمر عليه أسهل لأنه قد جاور بقلبه هذه الحطة ومحله أعلى فهو أمين الله في أرضه، فيكون الأمر عليه أسهل لأنه قد جاوز - انتهى.
ثم بين تقريبه لهم بقوله :( في جنات النعيم ) أي الذي لا نعيم غيره لأنه لا كدر فيه بوجه ولا منغص، والصنف الآخر منهم المتقربون والمتشاققون من أصحاب المشأمة، أولئك المغضوب عليهم المبعودون، ومن دونهم الضالون البعيدون وهم أصحاب الشمال.
ولما ذكر السابقين فصلهم فقال :( ثلة ) أي جماعة كثيرة حسنة، وقال البغوي : والثلة جماعة غير محصورة العدد، ) من الأولين ( وهم الأنبياء الماضون عليهم الصلاة والسلام، ومن آمن بهم من غير واسطة رضي الله عنهم ) وقليل من الآخرين ( وهم من آمن بمحمد - عليه الصلاة والسلام مائة ألف ونيفاً وعشرين ألفاً، وكان من خرج مع موسى عليه السلام من مصر وهم من آمن به من الرجال المقاتلين ممن هو فوق العشرين ودون الثمانين وهم ستمائة ألف فما ظنك بمن عداهم من الشيوخ ومن دون العشرين من التابعين والصبيان ومن النساء، فكيف بمن عداه من سائر النبيين عليهم الصلاة والسلام.
المجددين من بني إسرائيل وغيرهم، وقيل ( الثلة والقليل كلاهما من هذه الأمة )، رواه الطبراني وابن عدي عن ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه أبان بن أبي عياش وهو متروك ورواه إسحاق بن راهويه مسدد بن مسرهد وأبو داود الطيالسي وإبراهيم الحربي


الصفحة التالية
Icon