صفحة رقم ٤٣٨
غيره ؛ فقال :( بما تعملون ) أي على سبيل التجدد والاستمرار ) بصير ) أي عالم بجلائله ودقائقه.
الحديد :( ٥ - ٧ ) له ملك السماوات.....
) لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ يُولِجُ الْلَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي الْلَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ آمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَأَنفَقُواْ لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ( ( )
صانع الشيء قد لا يكون ملكاً، وكان الملك لا يكمل ملكه إلا بعلم جميع ما يكون في مملكته والقدرة عليه، وكان إنكارهم للبعث إنكاراً لأن يكون ملكاً، أكد ذلك بتكرير الإخبار به فقال :( له ) أي وحده ) ملك السماوات ( وجمع لاقتضاء المقام له ) والأرض ( أفرد لخفاء تعددها عليهم مع إرادة الجنس، ودل على دوام ملكه وإحاطته بقوله عاطفاً على ما تقديره : فمن الله المبدأ، معبراً بالاسم الأعظم الجامع لئلا يظن الخصوص بأمور ما تقدم :( وإلى الله ) أي الملك الذي لا كفؤ له وحده ) ترجع ( بكل اعتبار على غاية السهولة ) الأمور ) أي كلها حساً بالبعث ومعنى بالإبداء والإفناء، ودل على ذها الإبداء والإفناء بأبدع الأمور وأروقها فقال :( يولج ) أي يدخل ويغيب بالنقص والمحو ) الّيل في النهار ( فإذا قد قصر بعد طوله، وقد انمحى بعد تشخصه وحلوله، فملأ الضياء الأقطار بعد ذلك الظلام ) ويولج النهار ( الذي عم الكون ضياؤه وأناره لألأؤه ) في الّيل ( الذي قد كان غاب في علمه، فإذا الظالم قد طبق الآفاق، والطول، الذي كان له قد صار نقصاً.
ولما كان في هذا إظهار أخفى الأشياء حتى يصير في غاية الجلاء، أتبعه علم ما هو عند الناس أخفاء ما يكون فقال :( وهو ) أي وحده ) عليم ) أي بالغ العلم ) بذات الصدور ) أي ما يصحبها فتخفيه فلا يخرج منها الهمزات على مدى الأيام على كثرة اختلافها وتغيرها وغن خفيت على أصحابها.
ولما قامت الأدلة على تنزيهه سبحانه عن شائبة كل نقص، وإحاطته بكل صفة كمال، المقتضي لثبوت أن الملك له، الموجب قطعاً لتفرده بعموم الإلهية، المقتضي لإرسال من يريده إلى جميع من في ملكه، وختم بالعلم بالضمائر التي أجلها الإيمان، قال آمراً بالإذعان له ولرسوله ( ﷺ ) :( آمنوا ) أي أيها الثقلان ) بالله ) أي الملك الأعظم الذي لا مثل له ) ورسوله ( الذي عظمته من عظمته.
ولما كان الإيمان أساساً، والغنفاق وجهاً ظاهراً ورأساً، قال جامعاً بين الأساس الحامل الخفي والوجه الظاهر الكامل البهي :( وأنفقوا ) أي في إظهار دينه : ورغبهم في ذلك بطلب اليسير مما أعطاهم الله


الصفحة التالية
Icon