صفحة رقم ٤٤٠
متعنت فقال : فأت ما طلب منا، والذي بعد هذا من الحال التي هي في معنى دالة على هذا، وهي قوله :( والرسول ) أي والحال أن الذي له الرسالة العامة ) يدعوكم ( صباحاً ومساء على ما له من مقتضيات القبول منه من حسن السمت وجلالة القدر وإظهار الخوارق وغير ذلك ) لتؤمنوا ) أي لأجل أن تجددوا الإيمان ) بربكم ) أي الذي أحسن تربيتكم بأن جعلكم من أمة هذه النبي الكريم ( ﷺ ) وشرفكم به ) وقد ) أي والحال أنه قد ) أخذ ميثاقكم ) أي وقع أخذه فصار في غاية القباحة ترك ما وقع التوثق بسببه بنصب الأدلة والتمكين من النظر بإبداع العقول، وذلك كله منضم إلى أخذ الذرية من ظهر آدم عليه الصلاة والسلام وإشهادهم على أنفسهم وإشهاد الملائكة عليهم، وبنى الفعل للمفعول في قراءة أبي عمرو ليكون المعنى أيّ أخذ كان لأن الغدر عند الكرماء شديد نم غير نظر إلى معين لا سيما العرب فكيف إذا كان الآخذ الملك الأعظم القادر على كل شيء العالم بكل شيء، ورسوله الذي تعظيمه من تعظيمه، كا صرحت به قراءة الجماعة بالبناء للفاعل ولا يخفى الإعراب، والحاصل أنهم نقضوا الميثاق في الإيمان، فلم يؤاخذهم حتى أرسل الرسل.
ولما حثهم على تجديد الإيمان على سبيل الاستمرار بالعجب من ترك ذلك، وكان كل واحد يدعي الراقة في الخير، هيجهم وألهبهم بقوله :( إن كنتم ) أي جبلة ووصفاً ثابتاً ) مؤمنين ) أي عريقين في وصف الإيمان، وهو الكون على نور الفطرة الأولى.
ولما وصفه بالربوبية، دل عليها بقوله :( هو ) أي وحده لا غيره ) الذي ينزل ) أي على سبيل التدريج والموالاة بحسب الحاجة.
ولما كان الخطاب في هذه السورة للمخلص، قال مضيفاً إلى ضميره غير مقرون بما يدل على الجلال والكبرياء ) على عبده ) أي الذي هو أحق الناس بحضرة جماله وإكرامه لأنه ما تعبد لغيره قط ) آيات ) أي علامات هي من ظهورها حقيقة بتأن يرجع إليها ويتقيد بها ) بينت ( جداً على ما له من النعوت التي هي في غاية الوضوح ) ليخرجكم ) أي الله أي عبده بما أنزل إليه مع أنه بشر مثلكم، والجنس إلى جنسه أميل ومنه أقبل، ولا سيما إن كان قريباً ولبيباً أريباً ) من الظلمات ( التي أنتم منغمسون فيها من الحظوظ والنقائص التي جبل عليها الإنسان والغفلة والنسيان، الحاملة على تراكم الجهل، فمن آتاه سبحانه العلم والإيمان فقد أخرجه نم هذه الظلمات التي طرأت عليه ) إلى نور ( الذي كان وصفاً لروحه وفطرته الأولى السليمة.
ولما كان التقدير : فإن الله به للطيف خبير، عطف عليه قوله مؤكداً لأجل زلزال


الصفحة التالية
Icon