صفحة رقم ٤٦٦
للمساكين ليكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني، فلما سمع الشاب الكلام مضى حزيناً لأنه كان له مال كثير، فقال يسوع لتلامذته : الحق أقول لكم إنه يعسر على الغني الدخول إلى ملكوت السماء، وأيضاً أقول لكم : إنه أسهل أن يدخل الجمل في ثقب الإبرة من غني يدخل ملكوت السموات، فلما سمع التلاميذ بهتوا جداً وقالوا : من يقدر أن يخلص، فنظر يسوع وقال لهم : أما عند الناس فلا يستطاع هذا، وأما عند الله فكل يستطاع، حينئذ أجاب بطرس وقال له : هو ذا نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك، فماذا عسى أن يكون لنا، قال لهم يسوع : الحق والحق أقول لكم أنتم الذين اتبعتموني في الجبل الآتي إذا جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم على اثني عشر كرسياً، تدينون اثني عشر سبط بني إسرائيل، كل ما ترك بنين أو أخاً أو أخوات أو أباً أو أماً أو امرأة أو بيتاً أو حقلاً من أجل اسمي يأخذ مائة ضعف ويرث حياة الأبد، وقال لوقا : ما من أحد ترك منزلاً أو والدين أو إخوة أو امرأة أو مالاً من أجل ملكوت الله إلا وينال العوض أضعافاً كثيرة في هذا الزمان وفي الدهر الآتي حياة الأبد، وقال متى وغيره : كثيراً أولون يصيرون آخرين : وأخرون يصيرون أولين، يشبه ملكوت السموات إنساناً رب بيت خرج الغداة ليستأجر فعله لكرمه، فشارك الأكرة على دينار واحد في اليوم - إلى آخر ما مضى في الأعراف من البشارة بأمة محمد ( ﷺ ) في مثل الفعلة في الكرم الذي فضل آخرهم وهو العامل قليلاً على من عمل أكثر النهار وقد ساقه ابن برجان في آخر تفسير سورة الحديد عن الإنجيل بعبارة أخرى تفسيراً كثيراً من عبارة النسخة التي نقلت ذاك منها، فأحببت أن أذكره عبارة ابن برجان هنا تكميلاً للفائدة، قال : وفي الكتاب الذي يذكر أنه الإنجيل : وكثيراً يتقدم الآخرون الأولون ويكون الأولون ساقة الآخرين : ولذلك يشبه ملكوت السموات برجل ملي خرج في استئجار الأعوان لحفر كرم في أول النهار، وعامل كل واحد في نهاره على درهم ثم ادخلهم كرمه، فلما كان في الساعة الثالثة بصر لغيرهم في الرحاب لا شغل لهم فقال : اذهبوا أنتم أيضاً إلى الكرم وسآمر لكم بحقوقكم، ففعلوا، ثم فعل مثل ذلك في الساعة السادسة والتاسعة، فلما كان في الساعة الإحدى عشرة وجد غيرهم وقوفاً فقال لهم : لم وقفتم هنا طول نهاركم دون عمل ؟ فقالوا له : إنا لم يستأجرنا أحد، فقال لهم : اذهبوا أنتم سآمر لكم بحقوقكم، فلما انقضى النهار قال لوكيله : ادع الأعوان وأعطهم أجرتهم وابداً بالآخرين حتى تنتهي إلى الأولين، فبدأ بالذين دخلوا يرجون الزيادة، فأعطى كل واحدٍ منهم درهماً، فاستذكروا ذلك على صاحب الكرم وقالوا : سويتنا بالذين لم يعملوا