صفحة رقم ٤٧٩
سني ونثرت له بطني جعلني عليه كأمه ) وللطبراني من طريق أبي معشر عن محمد بن كعب القرظي قال :( كانت خولة بنت ثعلبة تحت أوس بن الصامت وكان به لمم، فقال في بعض هجراته : أنت عليّ كظهر أمي، قال : ما أظنك إلا قد حرمت عليّ، فجاءت إلى النبي ( ﷺ ) فقالت : يا رسول الله إن أوس بن الصامت أبو ولديَّ وأحب الناس إليّ والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقاً، فرادّت النبي ( ﷺ ) مراراً، ثم قالت : اللهم إني أشكو إليك فاقتي ووحدتي وما يشق عليّ من فراقه ) الحديث، ومن طريق أبي العالية قال : فجعل كلما قال لها ( حرمت عليه ) هتفت وقالت : أشكو إلى الله، فلم ترم مكانها حتى نزلت الآية، وروى أبو داود عن هشام بن عروة أن جميلة كانت تحت أوس ابن الصامت وكان رجلاً به لمم فكان إذا اشتد به لممه ظاهر من امرأته فأنزل الله عز وجل فيه كفارة الظهار، وأخرجه من حديث عروة عن عائشة رضي الله عنها مثله.
وقال القشيري : وفي الخبر أنها قالت : يا سول الله إن أوساً تزوجني شابة غنية ذات أهل ومال كثير، فملا كبر عنده سني، وذهب مالي وتفرق أهلي، وجعلني عليه كظهر أمه، وقد ندم وندمت، وإن لي صبية صغاراً إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إليّ جاعوا، يعني ففرج الله عنها، وقد حصل من هذا مسألة، وهو أن كثيراً من الأشياء ظاهر العلم يحكم فيه بشيء ثم الضرورة تغير ذلك الحكم لصاحبها، قال البغوي : وكان هذا أول ظهار في الإسلام، وقال أبو حيان : وكان عمر رضي الله عنه يكرم خولة رضي الله عنها إذا دخلت عليه ويقول : سمع الله لها، فالمظاهرة في حديث سلمة رضي الله عنه ومن نحا نحوه رهبانية مبتدعة لم ترع حق رعايتها كرهبانية النصارى، ولم يتبع النبي ( ﷺ ) في ابتداعها حق الاتباع، وأما في قصة خولة رضي الله عنها فهي مصيبة كأن ينبغي فيها التسليم وعدم الحزم كما في آية
٧٧ ( ) لكيلا تأسوا ( ) ٧
[ الحديد : ٢٣ ] الآية على أن امتناعها من زوجها حين راودها فيه إلمام بالرهبانية، وإزالة شكايتها مع أنها امرأة ضعيفة من عظيم الفضل، وزاده عظماً جعله حكماً عاماً لمن وقع فيه من جميع الأمة.