صفحة رقم ٤٨٣
ولما كان مقتضى اللفظ المباعدة ممن قيل ذلك فيها، لكان إمساكها بعده ينبغي أن يكون في غاية البعد، قال مشيراً إلى ذلك بأداة البعد ) ثم يعودون ) أي بعد هذا القول ) لما قالوا ( بالفعل بأن يعاد هذا القول مرة أخرى أبو بالقوة بأن يمسكوا المقول ذلك لها زمناً يمكن أن يعاد فيه هذا القول مرة ثانية من غير مفاقة بلفظ مما ناط الله الفرقة به من طلاق أو سراح أو نحوهما، فيكون المظاهر عائداً إلى هذا القول بالقوة لإمكان هذا بأن يعود إلى قوله مرة أخرى وهلم جراً، أو يكون التقدير لنقض ما قالوا : فيحلوا ما حرموا على أنفسهم بعدم البت بالطلاق، فإن كان الظهار معلقاً لم يلزم حكمه إلا بالحنث، فإن طلق في الحال وإلا لزمته الكفارة، وحق العبارة التعبير باللام لدلالتها على الاصتال كما يقتضيه الحال بخلاف ( إلى ) فإنها تدل على مهلة وتراخ، هذا في الظهار المطلق، وأما الموقت بيوم أو شهر أو نحو ذلك فلا يكون عائداً فيه إلا بالوطء في الوقت المظاهر فيه، وأما مجرد إمساكها فليس بعود لأنه إنما أمسكها لما له فيها من الحل بعد وقت الظهار.
ولما كان المبتدلأأ الموصول مضمناً معنى الشرط، أدخل الفاء في خبره ليفيد السببية فيتكرر الوجوب بتكرر سببه فقال :( فتحرير ) أي فعليهم بسبب هذا الظهار والعود تحرير ) رقبة ) أي سليمة عن عيب يخل بالعمل كاملة الرق مقيدة أيضاً بمؤمنة لأنها قيدت بذلك في كفارة القتل، فيحمل هذا على ذاك، ولأن معاوية بن الحكم رضي الله عنه كانت له جارية فقال للنّبيّ ( ﷺ ) :( عليّ رقبة أفأعتقها، فسألها رسول الله ( ﷺ ) عن الله فأخبرته بما دل على توحيدها فقال :( من أنا ( ؟ فقالت : أنت رسول الله، قال :( أعتقها فإنها مؤمنة ( رواه مالك ومسلم، فعلل الإجزاء بالإيمان ولم يسأله عن سبب الوجوب، فدل على أنه لا فرق بين واجب وواجب، والموجب للكفارة الظهار والعود جميعاً كما أ الموجب في اليمين اليمين والحنث معاً.
ولما كان التحرير لا يستغرق زمن القبل بل يكون في بعضه، أدخل الجار فقال :( من قبل ( ولما كان المراد المس بعد المظاهرة لا مطلقاً قال :( أن يتماسا ) أي يتجدد منهما مس وهو الجماع سواء كان ابتداء المباشرة منه أو منها بما أفادته صيغة التفاعل، وهو حرام قبل التكفير ولو كان على أدنى وجوه التماس وأخفاها بما أشار إليه الإدغام


الصفحة التالية
Icon