صفحة رقم ٤٨٨
[ الحديد : ٧ ] إلى ما بعد ذلك من الآي، وكان ذلك ضرب من الالتفات، والواقع هنا منه أشبه بقوله سبحانه في سورة البقرة ) ) وإذا قال ربك للملائكة ( ) [ البقرة : ٣٠ ] فإنه بعد تفصيل حال المتقين وحال من جعل في طرف منهم وحال من يشبه بظاهره بالمتقين وهو معدود في شرار الكافرين، فملا تم هذا النمط عدل بعده إلى دعاء الخلق إلى عبادة الله وتوحيده ) ) يا أيها الناس اعبدوا ربكم ( ) [ البقرة : ٢١ ] ثم عدل بالكلام جملة وصرف الخطاب إلى تعريف نبيه عليه الصلاة والسلام بين أيدي الخلق ) ) وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خلفية ( ) [ البقرة : ٣٠ ] فجاء ضرباً من الالتفات فكذا الواقع هنا بين سبحانه حال مشركي العرب وقبح عنادهم وقرعهم ووبخهم في عدة سور غالب آيها جارٍ على ذلك ومجدد له أولها سورة ( ص ) كما نبه عليه في سورة القمر، وإلى الغاية التي ذكرت فيها إلى أن وردت سورة القمر منبئة بقطع دابرهم، وانجر فيها الإعذار المنبه عليه وكذا في سورة الرحمن بعدها، ثم أعقب ذلك بالتعريف بحال النزل الأخراوي في سورة الواقعة مع زيادة تقريع وتوبيخ على مرتكبات استدعت تسبيحه تعالى وتقديسه عن شنيع افترائهم فأتبعت بسورة الحديد، ثم صرف فيها الخطاب إلى المؤمنين، واستمر ذلك إلى آخر السورة، جرت سورة المجادلة على هذا القصد مصورفاً خطابها إلى نازلة تشوف المؤمنين إلى تعرف حكمها، وهو الظهار المبين أمره فيها، فلم يعد في الكلام بعد كما كان قد صرف إليه في قوله ) آمنوا بالله ورسوله ( بأكثر من التعرض لبيان حكم يقع منهم، ثم أن السور الواردة بعد إلى آخر الكتاب استمر معظمها على هذا الغرض لانقضاء ما قصد من التعريف بأخبار القرون السالفة والأمم الماضية، وتقريع من عاند وتوبيخه، وذكر مثال الخلق واستقرارهم الأخراوي، وذكر تفاصيل التكاليف والجزاء عليها من الثواب والعقاب، وما به استقامة من استجاب وآمن وما يجب أن يلتزمه على درجات التكاليف وتأكيدها، فلما كمل ذلك صرف الكلام إلى ما يخص المؤمنين في أحكامهم وتعريفهم بما فيه من خلاصهم، فمعظم آي سورة بعد هذا شأنها، وإن اتجر غيرها فلا استدعاء موجب وهو الأقل كما بينا - انتهى.
المجادلة :( ٧ ) ألم تر أن.....
) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ( ( )
ولما كان هذا الإخبار عن إحاطة علمه وشمول قدرته مع أنه بديهي التصور - يحتاج عند من جره الهوى إلى الشرك المقتضي للنقص إلى دليل معه فقد كان العرب ينكرون أن يسع الناس كلهم إله واحد، قال تعالى دالاًّ على ذلك بدليل شهودي ليفيد


الصفحة التالية
Icon