صفحة رقم ٥١٩
رجلان يامين بن عمرو وأبو سعد بن وهب، أسلما على أموالهما فأحرزاها فجعل الله أموال من لم يسلم منهم فيئاً لرسول الله ( ﷺ ) خاصة به يضعها حيث يشاء كما روي ذلك في الصحيح عن عمر ري الله عنه في قصة مخاصمة علي والعباس رضي الله عنهما، وفيه أنه من خصائصه ( ﷺ ) فإنه قال : إن الله قد خص رسوله ( ﷺ ) في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحداً غيره، ثم قرأ ) ما أفاء الله على رسوله منهم ( إلى قوله تعالى :( قدير ( فكانت خالصة لرسول الله ( ﷺ ) والله ما احتازها دونكم ولا استأثر بها عليكم قد أعطاكموها وبثها فيكم حتى بقي منها هذا المال - يعني الذي وقع خصامهما فيه، فكان ينفق رسول الله ( ﷺ ) على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل ما لله، وفي الصحيح أيضاً عن مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر رضي الله عنه قال : كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله ( ﷺ ) ما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله ( ﷺ ) خاصة ينفق على أهله منها نفقة سنة ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع عدة في سبيل الله - انتهى، وقد قسم رسول الله ( ﷺ ) أموالهم بعد ما تركه لنفسه بين المهاجرين، لم يعط الأنصار منه شيئاً إلا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة شديدة : أبو دجانة سماك بن خرشة وسهل بن حنيف والحارث بن الصمة رضي الله عنهم، وكان لسيف ابن أبي الحقيق عندهم ذكر فنفله سعد بن معاذ رضي الله عنه وقال الأصبهاني : إن الفيء كان يقسم على عهد رسول الله ( ﷺ ) على خمسة وعشرين سهماً أربعة أخماسها وهي عشرون سهماً لرسول الله ( ﷺ ) يفعل بها ما يشاء ويحكم فيها ما أراد، والخمس الباقي على ما يقسم عليه خمس الغنيمة - يعني على رسول الله ( ﷺ ) وذوي القربى ومن بعدهم، هكذا كان عمله ( ﷺ ) في صفاياه، فملا توفي كانت إلى إمام المسلمين وكذا جميع ما ترك رسول الله ( ﷺ ) لأنه قال :( لا نورث، ما تركناه صدقة ).
فولي ذلك أبو بكر رضي الله عنه ثم عمر رضي الله عنه، فكانا يفعلان فيها ما فعله رسول الله ( ﷺ ) : وقال الأصبهاني رضي الله عنه أيضاً عن مالك بن أوس بن الحدثان رضي الله عنه : قرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه
٧٧ ( ) إنما الصدقات للفقراء ( ) ٧
[ التوبة : ٦٠ ] حتى بلغ ) عليم حكيم ( ثم قال : هذه لهؤلاء ثم قرأ
٧٧ ( ) واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه ( ) ٧
[ الأنفال : ٤١ ] ثم قال هذه لهؤلاء، ثم قرأ
٧٧ ( ) ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى ( ) ٧
[ الحشر : ٧ ] حتى بلغ
٧٧ ( ) الفقراء المهاجرين والذين تبوءوا الدار والإيمان والذين جاؤوا من بعدهم ( ) ٧
[ الحشر : ٧ ] ثم قال : استوعبت هذه المسلمين عامة فليس أحد إلا له فيها حق، ثم قال : لئن عشت ليأتين الراعي نصيبه منه لم يعرف جبينه فيه - انتهى.