صفحة رقم ٥٢٧
ولما كان النظر إلى التطهير من سفساف الأخلاق عظيماً، سبب عنه إفهاماً لأنه لا يحصل ما سببه عنه بدونه قوله ) فأولئك ( : أي العالو المنزلة ) هم ) أي خاصة لا غيرهم ) المفلحون ) أي الكاملون في الفوز بكل مراد، قال القشيري : وتجرد القلب من الأعراض والأملاك صفة السادة والأكابر، ومن أسرته الأخطار وبقي في شح نفسه فهو في مصارفه معاملته ومطالبة الناس في استيفاء حظه، فليس له من مذاقات هذه الطريقة شيء.
وشرح الآية أن الأنصار كانوا لما قدم عليهم المهاجرون قسموا دورهم وأموالهم بينهم وبينهم، فلما أفاء الله على رسوله ( ﷺ ) أموال بني النضير خطب النبي ( ﷺ ) فذكر ما صنعوا بالمهاجرين من إنزالهم إياهم وأثرتهم على أنفسهم، ثم قال ( إن أحببتم قسمت بينكم وبين المهاجرين ما أفاء الله عليّ من بني النضير )، وكان المهاجرون على ما هم عليه من السكنى في منازلكم وأموالكم، وإن أحببتم أعطتيهم وخرجوا من دياركم، فقال السعداء رضي الله عنهما : بل يقسم بين المهاجرين خاصة ويكونون في دورنا كما كانوا، وقالت الأصنار : رضينا وسلمنا، وفي رواية أنهم قالوا : اقسم فيها هذه خاصة واقسم لهم من أموالنا ما شئت، فنزلت ) ويؤثرون على أنفسهم ( - الآية، وقال رسول الله ( ﷺ ) :( اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : جزاكم الله خيراً يا معشر الأنصار )، فوالله ما مثلنا ومثلكم إلا كما قال العنزي :
جزى الله عنا جعفراً حين أزلقت بنا نعلنا في الواطئين فزلتأبوا أن يملونا ولو أنا منا تلاقي الذي يلقون منا لملت
فهم لعمري الحقيقون باسم إخوان الصفاء، وخلان المروءة والوفاء، والكرامة والاصطفاء، ورضي الله عنهم وعن تابعيهم من الكرام الخلفاء والسادة والحنفاء.
الحشر :( ١٠ ) والذين جاؤوا من.....
) وَالَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ( ( )
ولما أثنى الله سبحانه وتعالى على المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم بما هم أهله، التابعين لهم بإحسان مايوجب لهم الثناء فقال عاطفاً على المهادرين فيقتضي التشريك معهم، أو على أصل القصة من عطف الجمل :( والذين جاؤوا ) أي من أي طائفة كانوا، ولما كان المراد المجيء ولو في زمن يسير، أثبت الجار فقال :( من بعدهم ) أي بعد المهاجرين والأنصار وهم من آمن بعد انقطاع الهجرة بالفتح وبعد إيمان