صفحة رقم ٥٣١
أشد وأعظم ) في صدورهم ) أي اليهود ومن ينصرهم مام أفاض إليها من قلوبهم ) من الله ) أي من رهبتهم التي يظهرونها لكم منه بكل صفة من صفاته فرهبتهم منكم بسبب لإظهارهم أنه يرهبون الله رياء لكم.
ولما كان هذا مما يتعجب منه المؤمن علله بقوله :( ذلك ) أي الأمر الغريب وهو خوفهم الثابت اللازم من مخلوق مثلهم ضعيف يزينهم له وعدم خوفهم من الخالق على ما له من العظمة وذاته ولكونه غنياً عنهم ) بأنهم قوم ) أي على ما لهم من القوة ) لا يفقهون ) أي لا يتجدد لهم بسبب كفرهم واعتمادهم على مكرهم في وقت من الأوقات فهم يشرح صدورهم ليدركوا به أن الله هو الذي ينبغي إن يخشى لا غيره، بل هم كالحيوانات لا نظر لهم إلى الغيب إنما هم مع المحسوسات، والفقه هو العلم بمفهوم الكلام ظاهره الجلي وغامضه الخفي بسرعة فطنة وجودة قريحة.
ولما أخبر برهبتهم دل عليها بقوله :( لا يقاتلونكم ) أي كل من الفريقين اليهود والمنافقين أو أحدهما.
ولما كان الشيء قد يطلق ويراد بعضه، حقق الأمر بقوله :( جميعاً ) أي قتالاً يقصدونه مجاهرة وهم مجتمعون كلهم في وقت من الأوقات ومكان من الأماكن ) إلافي قرى محصنة ) أي ممنعة بحفظ الدروب وهي السكك الواسعة بالأبواب والخنادق ونحوها ) أو من وراء جدار ) أي محيط بهم سواء كان بقرية أو غيرها لشدة خوفهم، وقد أخرج بهذا ما حصل من بعضهم عن ضرورة كاليسير، ومن كان ينزل من أهل خيبر من الحصن يبارز ونحو ذلك، فإنه لم يكن عن اجتماع، أو يكون هذا خصاً ببني النضير في هذه الكرة.
ولما كان ربما ظن أن هذا عن عجز منهم لازم لهم دفعه بقوه إعلاماً بأنه إنما هو من معجزات هذا الدين :( بأسهم ) أي قوتهم ما فيهم من الصفات التي يتأثر عنها العذاب ) بينهم شديد ) أي إذا أداروا رأياً أو حارب بعضهم بعضاً فجرأ المؤمنين عليهم بأن ما ينظرونه من شدتهم وشجاعتهم إذا حاربوا المشركين لا ينكر عند محاربة المؤمنين كرامة أكرم الله بها المؤمنين تتضمن علماً من أعلام النبوة تقوية لإيمانهم وإعلاء لشأنهم.
ولما كانت علة الشدة الاجتماع، شرح حالتي الشدة والرهبة بقوله مخاطباً للنبي ( ﷺ ) إشارة إلى شدة ما يظهرون من ألف بعضهم لبعض :( تحسبهم ) أي اليهود والمنافقين يا أعلى الخلق ويا أيها الناظر من كان ذلك التعاطف الظاهر ) جميعاً ( لما هم فيه من اجتماع الدفاع وعن لك نشأت الشدة ) وقلوبهم شتى ) أي مفترقة أشد افتراق، وعن ذلك نشأت الرهبة، وموجب هه الشتات اختلاف الأهواء التي لا جامع لها من نظام العقل كالبهائم وإن اجتمعوا في عداوة أهل الحق كاجتماع البهائم في الهرب