صفحة رقم ٥٦٣
١٧ ] الآيات على ان الأخبار الصحيحة وغيرها ناطقة بأن هذه الآية نزلت في الحديبية قبل أن ينفصل الأمر غاية الانفصال ويستقر، روى البخاري في المغازي من صحيحه والبغوي من طريقه وهذا لفظه من المروان والمسور بن مخرمة عن أصحاب النبي ( ﷺ ) قالوا : كاتب سهيل بن عمرو فكان ما اشترط على النبي ( ﷺ ) أنه لا يأتيك أحد منا وإن كان على دينك إلا رددته إلينا، فكاتبه النبي ( ﷺ ) على ذلك، فرد يومئذ أبا جندل إلى أبيه سهل بن عمرو، ولم يأته أحد من الرجال إلا رده في تلك المدة وإن كان مسلماً، وجاءت المؤمنات مهاجرات، وكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى يرجعها إليهم كما أنزل الله فيهن ) إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن ( وقال البغوي : قال ابن عباس رضي الله عنهما : أقبل رسول الله ( ﷺ ) معتمراً حتى إذا كان بالحديبية صالحه مشركو مكة على أن من أتاه من اهل مكة رده إليهم فجاءت سبيعة بنت الحارث مسلمة بعد الفراغ من الكتاب، فأقبل زوجها، وكان كافر، فقال : يا محمد اردد عليّ امرأتي فإنك قد شرطت أن ترد علينا من أتاك منا، وهذه طينة الكتاب لم تجف، فأنزل الله تعالى ) يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن ( وقال ابن عباس رضي الله عنهما : امتحانها أن تستحلف أنها ما هاجرت لبغض زوج ولا عشقاً لرجل من المسلمين ولا رغبة عن أرض ولا لحدث أحدثته ولا التماس الدنيا وما خرجت إلا رغبة في الإسلام وحباً لله ورسوله ( ﷺ )، فاستحلفها رسول الله ( ﷺ ) ذلك فحلفت فلم يردها وأعطى زوجها ما أنفق عليها، فزوجها عمر رضي الله عنه، وكان ( ﷺ ) يرد من جاءه من الرجال وحبس من جاءه من النساء بعد الامتحان، ويعطي أزواجهن مهورهن، ودعوى النسخ ليست بشيء إلا تؤول بأنه لما كان من العالم الذي أريد به الخصوص أن بعض ما تناوله ظاهر اللفظ من الحكم مرفوع، وذلك بأن الله لا يأمر بإخلاف الوعد فكيف بنقض العهد.
ولما نهى عن رد المهاجرات إلى المشركين وعبر بالكفار تعميماً، علل ذلك بقوله مقدماً حكمهن تشريفاً لهن لهجرتهن :( لا هن ) أي الأزواج ) حل ) أي موضع حل ثابت ) لهم ) أي للكفار باستمتاع ولا غيره.
ولما كان نفي الحل الثابت غير مانع من تجدد حل الرجال لهن ولو على تقدير من التقادير وفرض من الفروض، قال معيداً لذلك ومؤكداً لقطع العلاقة من


الصفحة التالية
Icon