صفحة رقم ٥٨٥
لتكذيبه وجحد ما شاهدوه من صدقه يسر الله له أنصاراً من أمته هم نزاع القبائل وأجاد الأفاضل وسادات الأماثل فبلغوا في تأييده أقصى الأمل.
الصف :( ١٠ - ١١ ) يا أيها الذين.....
) يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ( ( )
ولما أنتج هذا كله نصر رسول الله ( ﷺ ) على كل حال ودمار من يخالف أمره، أنتج قطعاً أن الجهاد معه متجر رابح لأن النصر مضمون، والموت منهل لا بد من وروده سواء خاض الإنسان الحتوف أو احترس في القصور المشيدة، فقال تعالى في أسلوب النداء والاستفهام لأنه أفخم وأشد تشويقاً بالأداة التي لا يكون ما بعدها إلا بالغاً في العظم إلى النهاية :( يا أيها الذين آمنوا ) أي قالوا في إقرارهم بالإيمان ما عليهم أن يفعلوا بمقتضاه ) هل أدلكم ( وأنا المحيط علماً وقدرة، فهي إيجاب في المعنى ذكر بلفظ الاستفهام تشويقاً ليكون أوقع في النفس فتكون له أشد تقبلاً، والآية أيضاً نتيجة ما مضى باعتبار آخر لأنه لما وبخ على انحلال العزائم واخبر بما يجب من القتال، وبكت على أذى الرسول ( ﷺ ) بالمخالفة، وأبخر أن من خالفه لا يضر إلا نفسه، كان موضع الاستباق في طاعته فرتب عليه الاشتياق إلى ذكر ثمرته فذكرها، ولما كان فعل حاطب رضي الله عنه لأجل أنه لا نجاح أهله الذين كانوا بمكة في أنفسهم ولا في شيء من مالهم، وكان هذا في معنى التجارة قال :( على تجارة ( وقراءة ابن عامر ) تنجيكم ( بالتشديد أنسب لهذا المقام من قراءة الجماعة بالتخفيف، وقراءة الجماعة أنسب لمقصود حاطب رضي الله عنه ) من عذاب أليم ( بالإجاحة في النفس أو المال.
ولما كان الاتجار إجهاد النفس في تحصيل الربح النافع، وكان الإيمان والجهاد أعظم إجهاد النفس في تحصين - الجنة الباقية التي لا ريح توازيها، فاستعار لهما اسمها، وكان جواب النداء الإقبال وجواب الاستفهام نعم، عدوا كأنهم أقبلوا وأنعموا تنبيهاً على ما هو الأليق بهم، فاستأنف لهم بيان التجارة بأنه الجمع بين الإيمان الذي هو أساس الأعمال كلها، والجهاد بنوعيه المكمل للنفس والمكمل للغير فقال :( تؤمنون ) أي آمنوا بشرط تجديد الإيمان على سبيل الاستمرار ) بالله ( الذي له جميع صفات الكمال ) ورسوله ( الذي تصديقه آية الإذعان المعنوية والخضوع لكونه ملكاً ) وتجاهدون ) أي وجاهدوا بياناً لصحة إيمانكم على سبيل التجديد والاستمرار.
ويدل على أنهما بمعنى الأمر ما أرشد إليه جزم ما أقيم في موضع الجواب مع قراءة عبد الله ر ضي الله عنه : آمنوا وجاهدوا - بصيغة الأمر ) في سبيل الله ) أي بسبب تسهيل طريق الملك الأعظم الموصل إليه الذي لا أمر لغيره بحيث يكون ظرفاً لكم في جميع هذا الفعل فلا شيء