صفحة رقم ٧٤
شقاوته فأغرقهم الله بعزته لم يفلت منهم أحد، عبر سبحانه عن هذا كله بقوله على طريق الاستئناف :( كم تركوا ) أي الذي سبق الحكم بإغراقهم فغرقوا ) من جنات ) أي بساتين هي في غاية ما يكون من طيب الأرض وكثرة الأشجار وزكاء الثمار والنبات وحسنها الذي يسر المهموم ويستر الهموم، ودل على كرم الأرض بقوله :( وعيون وزروع ) أي مما هو دون الأشجار.
ولما كان ذلك لا يكمل إلا بمنازل ومناظر في الجنان غيرها فقال :( ومقام كريم ) أي مجلس شريق هو أهل لأن يقيم الإنسان فيه، لأن النهاية فيما يرضيه.
ولما كان ذلك قد يكون بتعب صاحبة فيه، دل على أنه كان بكد غيرهم وهم في غاية الترف، وهذا هو الذي حملهم على اتباع من كان يكفيهم ذلك حتى أداهم إلى الغرق قال :( ومقام كريم ) أي مجلس شريف هو أهل لأن يقيم الإنسان فيه، لأن النهاية فيما يرضيه.
ولما كان ذلك قد يكون بتعب صاحبة فيه، دل على أنه كان بكد غيرهم وهم في غاية الترف، وهذا هو الذي حملهم على اتباع من كان يكفيهم ذلك حتى أداهم إلى الغرق قال :( ونعمة ( هي بفتح النون اسم للتنعم بمعنى الترفه والعيش اللين الرغد، وأما التي بالكسر فهي الإنعام ) كانوا فيها ) أي دائماً ) فاكهين ) أي فعلهم في عيشهم فعل المترفه لا فعل من يضطر إلى إقامة نفسه.
ولما كان هذا أمراً عظيماً لا يكاد يصدق أن يكون لأحد، دل على عظمه وحصوله لهم بقوله :( كذلك ) أي الأمر كما أخبرنا به من تنعيمهم وإخراجهم وإغراقهم وأنهم تركوا جميع ما كانوا فيه لم يغن عنهم شيء منه، فلا يغترن أحد بما ابتليناه به من النعم لئلا يصنع به من الإهلاك ما صنعنا بهم.
ولما أفهم سوق الكلام هكذا إغراقهم كلهم، زاده إيضاحاً بالتعبير بالإرث الذي حقيقته الأخذ عن الميت أخذاً لا منازع فيه فقال عاطفاً على ما تقدم تقديره بعد اسم الإشارة :( وأورثناهم ) أي تلك الأمور العظيمة ) قوماً ) أي ناساً ذوي قوة في في القيام على ما يحاولونه، وحقق أنهم غيرهم تحقيقاً لإغراقه بقوله :( آخرين ( قال ابن برجان، وقال في سورة الظلمة :( وعيون وكنوز ) مكان ( وزروع ) لما كان المعهود من الزرع الحصد في أقرب المدة أورث زروعها وجناعها وما فيها من مقام كريم قوماً بآل فرعون فإنهم أهلكوا ولا نبي إسرائيل فإنهم قد عبروا البحر، ولما توطد ملكهم في الأرض المقدسة اتصل بمصرن فورثوا الأرض بكنوزها وأموالها ونعمتها ومقامها الكريم - انتهى.
ولما كان الإهلاك يوجب أسفاً على المهلكين ولو من بعض الناس ولا سيما إذا كانوا جمعاً فكيف إذا كانوا أهل مملكة ولا سيمنا إذا كانوا في نهاية الرئاسة، أخبر بأنهم كانوا لهوانهم عنده سبحانه وتعالىعلى خلاف ذلك، فسبب عما مضى قوله :( فما بكت عليهم ( استعارة لعدم الاكتراث لهم لهوانهم ) السماء والأرض ( وإذا لم يبك السكن فما ظنك بالساكن الذي هو بعضه، روى أبو يعلى في مسنده والترمذي في


الصفحة التالية
Icon