صفحة رقم ١٣٦
حب الدنيا لأنه لا يمنعه من حث غيره على الخير إلا ادخاره لنفسه :( ولا يحض ) أي يحمل ويحث ) على ( بذل ) طعام ( أو إطعام ) المسكين ) أي تسهيله بإعانته عليه إن كان موجوداً، والسؤال في بذله وما يقوم مقامه إن كان مفقوداً، فكيف بالبذل من عنده، فإن ذلك لا يحمل عليه إلا الإيمان لخلوه عن حظ، والتقييد يفهم أنه يحث على خدمة الأكابر الجبابرة ويحب العكوف على أبوابهم والإضافة مع التعبير بالطعام دون الإطعام تشعر بأن الفقراء يملكون كفايتهم من أموال الأغنياء، فدل ذلك على أنه مع كفره هو أشنع صفات الباطن في غاية الشح والقساوة وعدم المروءة للإعراض عن أسباب التمدح وعن التنزه عن سوء القالة وقدم المروءة للإعراض عن أسباب التمدح وعن التنزه عن سوء القالة وقبيح الذكر، وذلك أشنع الرذائل، فلذلك خصص هذين الأمرين، وكان أبو الدرداء رضي الله عنه يحض على طعامهم ويقول : خلعنا نصف السلسة بالإيمان أفلا نخلع الآخر - يعني بالحث على الإطعام، وذمه على الاستهان بالمساكين يفهم الذم على الاستهانة بمن هم دونهم ممن هو أسوأ حالاً منهم بطريق الأولى.
ولما وصف سبحانه وتعالى بأقبح العقائد وأشنع الرذائل، سبب عنهما في مقابلة إفساد القوتين العلمية قوله :( فليس له اليوم ( ولما ذكر الزمان المتعقب للبعث، ذكر المكان الكائن فيه وهو الدار الآخرة فقال :( ههنا ) أي في مجمع القيامة كله ) حميم ) أي صديق خالص يحترق له ويحميه من العذاب لأنهم كلهم له أعداء كما أنه هو كان لا يرق على الضعفاء فيما هم فيه من الإقلال من حطام الأموال.
ولما نفى عنه الجاه لانسلاخه من حزب الملك الولي الودود، وتحيزه إلى حزب الشيطان العدو والجحود، أتبعه المقصود بالمال الذي تنشأ عنه جميع الاستمتاعات لأجل ضعفهم الذي وهبه المال وأمره بمواساتهم فيه فقال :( ولا طعام ( ولما كان الاستثناء معياراً للعموم قال :( إلا من غسلين ) أي غسالة أهل النار من فيحهم وصديدهم، فعلين من الغسل، ويلزم من هذا الطعام أن يكون تحت غيره ليسيل ماء غسالته إليه.
ولما حصر طعامهم فيما لا يقربه أحد باختياره، حصر من يتناوله معبراً عنهم بالوصف الذي أوجب لهم أكله فقال :( لا يأكله ( وفرغ الاستثناء تنبيهاً على أن المستثنى هو المقصود حتى كأنه لا مستنثى منه فقال :( إلا الخاطئون ) أي يأكله المتعمدون للخطايا لا غيرهم، وهو من خطأ الرجل بوزن فرح مهموزاً - إذا تعمد الذنب، وأما المخطئ فهو من قصد الخير فلم يصبه بغير تعمد ) فليس عليكم جناح