صفحة رقم ١٤٦
فيه آدمياً ) خمسين ألف ( وبين المشقة في صعوده أو الكون فيه إن القيامة بأن قال :( سنة ( ولم يقل : عاماً - مثلاً، ويجوز أن يكون هذا اليوم ظرفاً للعذاب فيكون المراد به يوم القيامة، وأن يكون طوله على الكفر باعتبار ما يلحقه من الغم لشدة المخاوف عليه لأنه ورد أنه يخفف على المؤمن حتى يكون بمقدار صالة واحدة - انتهى.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن المعنى أنه لو ولي الحساب غير الله لم يفرغ منه إلا في هذا المقدار، ويفرغ منه هو سبحانه في نصف يوم من أيام الدنيا، وقال مجاهد والحكم وعكرمة : هو عمر الدنيا من أولها إلى آخرها خمسون ألف سنة لا يدري أحدكم مضى وكم بقي إلا الله، وقد مضى في سورة ) ألم السجدة ( ما ينفع ههنا.
ولما كان هذا كله تسلية للنبي ( ﷺ ) عن استعجالهم إياه بالعذاب استهزاء وتكذيباً سواء أريد تصوير العظمة أو العذاب، سبب عنه قوله :( فاصبر ) أي على أذاهم ولا ينفك ذلك عن تبليغهم فإنك شارفت وقت ا لانتقام منهم أيها الفاتح الخاتم الذي لم أبين لأحد ما بينت على لسانه، والصبر : حبس النفس على المكروه من الإقدام أو الإحجام، وجماله بسكون الظاهر بالتثبت والباطن بالعرفان ) صبراً جميلاً ) أي لا يشوبه شيء من اضطراب ولا استثقال، ولا شكوى ولا استعجال، فإن عذابهم ونصرك عليهم لعظمة من أرسلك، فلا بد من وقوعه لأن القدح فيه والتكذيب به قدح فيها، وهذا قبل الأمر بالقتال.
المعارج :( ٦ - ١٣ ) إنهم يرونه بعيدا
) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً يَوْمَ تَكُونُ السَّمَآءُ كَالْمُهْلِ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ ( ( )
وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير : لما انطوت سورة الحاقة على أشد وعيد وأعظمه أتبعت بجواب من استبطأ ذلك واستبعده إذ هو مما يلجأ إليه المعاند الممتحن، فقال تعالى :( ) سأل سائل بعذاب واقع ( ) [ المعارج : ١ ] إلى قوله ) ) إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً ( ) [ المعارج : ٦ و ٧ ] ثم ذكر حالهم إذ ذاك ) ) يوم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه ( ) [ المعارج : ١١ ] الآية، ثم أتبع بأن ذلك لا يغني عنه ولا يفيده ) ) إنها لظى ( ) [ المعارج : ١٥ ] ثم ختمت السورة بتأكيد الوعيد وأشد التهديد ) ) فذرهم يخوضوا


الصفحة التالية
Icon