صفحة رقم ١٥٤
وإن لم يتجرد للعبادة كن ملوماً، اكتفى في مدحه بنفي اللوم عنه، وأكده لأن الأصل كان استحقاقه للملام لإقباله على تحصيل ما له من المرام فقال مسبباً عن المستثنى :( فإنهم ) أي بسبب إقبالهم بالفروج عليهن وإزالة الحجاب من أجل ذلك ) غير ملومين ) أي في الاستمتاع بهن من لائم ما - كما نبه عليه بالبناء للمفعول - فهم يصحبونهن قصداً للتعفف وصون النفس وابتغاء الولد للتعاون على طاعة الله.
ولما أفهم ذلك تحريم غير المستثنى ووجب الحفظ للفروج عنه، صرح به على وجه يشمل المقدمات فقال مسبباً عنه :( فمن ابتغى ) أي طلب، وعبر بصيغة الافتعال لأن ذلك لا يقع إلا عن إقبال عظيم من النفس واجتهاد في الطلب ) وراء ذلك ) أي شيئاً من هذا خارجاً عن هذا الأمر الذي أحله الله تعالى، والذي هو أعلى المراتب في أمر النكاح وقضاء اللذة أحنسها وأجملها.
ولما كان الوصول إلى ذلك لا يكون إلا بتسبب من الفاعل ربط بالفاء قوله :( فأولئك ) أي الذين هم في الحضيض من الدناءة وغاية البعد عن مواطن الرحمة ) هم ) أي بضمائرهم وظواهرهم ) العادون ) أي المختصون بالخروج عن الحد المأذون فيه.
ولما ذكر العادي أتبعه الواقف عند الحدود فقال :( والذين هم ) أي ببذل الجهد من توجيه الضمائر ) لأماناتهم ) أي كل ما ائتمنهم الله عليه من حقه وحق غيره.
ولما كان ذلك قد يكون من غير عهد، قال مخصصاً :( وعهدهم ) أي ما كان من الأمانات بربط بالكلام وتوثيق ) راعون ( أيحافظون لها معترفون بها على وجه نافع غير ضار.
المعارج :( ٣٣ - ٣٨ ) والذين هم بشهاداتهم.....
) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ ( ( )
ولما كان أجل العهود والأمانات ما كان بإشهاد قال مبيناً لفضل الشهادة :( والذين هم ) أي بغاية ما يكون من توجيه القلوب ) بشهاداتهم ( التي شهدوا بها أو يستشهدون بها لطلب أو غيره، وتقديم المعمول إشارة إلى أنهم في فرط قيامهم بها ومراعاتهم لها كأنهم لا شاغل لهم سواها ) قائمون ) أي يتحملونها ويؤدونها على غابة التمام والحسن أداء من هو متهيئ لها واقف في انتظارها ولما كانت أضداد هذه المذكورات نقائص مهلكات، وكان الأنفس - لما لها من النقص - نزاعة إلى النقائص ميالة إلى الدسائس، ذكر اسبحانه بالدواء المبرئ من كل