صفحة رقم ٢١٩
فلا يسعه إلا العفو بل الغفر فقال حاثا على أن يكون ختام الأعمال بالاستغفار والاعتراف بالتقصير في خدمة المتكبر الجبار مشيرا إلى حالة انفصال روحه عن بدنه وأن صلاحها الراحة من كل شر :( واستغفروا الله ) أي اطلبوا وأوجدوا ستر الملك الأعظم الذي لا تحيطون بمعرفته فكيف بأداء حق خدمته لتقيركم عينا وأثرا بفعل ما يرضيه واجتناب ما يسخطه.
ولما علم من السياق ومن التعبير بالاسم الأعظم أنه سبحانه بالغ العظمة إللى حد يؤيس من إجابته، علل الأمر بقوله مؤكدا تقريبا لما يستبعده من يستحضر عظمته سبحانه وشدة انتقامه وقوة بطشه " ) إن الله ( وأظهر إعلالما بأن صفاته لا تقصر آثارها على المستغفرين ولا على مطلق السائلين ) غفور ) أي بالغ الستر لأعيان الذنوب وآثارها حتى لا تكون عليها عتاب ولا عقاب ) رحيم ) أي بالغ الإكرام بعد الستر إفضالا وإحسانا وتشريفا وامتنانا وقد اشتملت هذه السورة على شرح قول النبي ( ﷺ ) فيما أوتي من جوامع الكلم " اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي إليها منقلبي واجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحة لي من كل شر " كما أشير إلى كل جملة منها في محلهعنا، ولقد رجع آخر السورة - بالترغيب في العمل وذكر جزائه - على أولها الأمكر بالقيام بين ييديه وبإشارة الاستغفار إلى عظمم المقام وإن جل العمل ودام وإن كان بالقيام في ظلام الليالي والناس نيام، فسبحان من له هذا الكلام المعجز لسائر الأنام لأحاطته بالجلال والإكرام، فسبحانه من إله جابر القلوب المنكسرة.


الصفحة التالية
Icon