صفحة رقم ٢٢٢
السورتين من نمط واحد، وما ابتدئت به كل واحدة منهما من جليل خطابه عليه الصلاة والسلام وعظيم تكريمه
٧٧ ( ) يا أيها المزمل ( ) ٧
[ المزمل : ١ ] ) يا أيها المدثر ) [ المدثر : ١ ] والأمر فيهما بما يخصه
٧٧ ( ) قم الّيل إلا قليلاً نصفه ( ) ٧
[ المزمل : ٢ - ٣ ] الآي، وفي الآخرى ) قم فانذر وربك فكبر ) [ المدثر : ٢ - ٣ ] أتبعت في الأولى بقوله :
٧٧ ( ) فاصبر على ما يقولون ( ) ٧
[ المزمل : ١٠ ] وفي الثانية بقوله ) ولربك فاصبر ) [ المدثر : ٧ ] وكل ذلك قصد واحد، واتبع أمره بالصبر في الزمل بتهديد الكفار ووعيدهم
٧٧ ( ) وذرني والمكذبين ( ) ٧
[ المزمل : ١١ ] الآيات، وكذلك في الأخرى
٧٧ ( ) ذرني ومن خلقت وحيداً ( ) ٧
[ المدثر : ١١ ] الآيات، فالسورتان واردتان في معرض واحد وقصد متحد - انتهى.
ولما كان تنزيه العبد عن الأدناس لأجل تنزيه المعبود، قال آمراً بتطهير الظاهر والباطن باستكمال القوة النظرية في تعظيمه سبحانه ليصلح أن يكون من أهل حضرته وهو أول مأمور به من رفض العادات المذمومة :( وثابك فطهر ) أي وقم فخص ثيابك الحسية بإبعادها عن النجاسات بمجانبة عوائد المتكبرين من تطويلها، وبتطهيرها لتصلح للوقوف في الخدمة بالحضرة القدسية، والمعنوية وهل كل ما اشتمل على العبد من الأخلاق المذمومة والعوائد السقيمة من الفترة عن الخدمة والضجر والاسترسال مع شيء من عوائد النفس، وذلك يهون باستكمال القوة النظرية.
ولما أمر بمجانبة الذر في الثياب وأراد الحسية والمعنوية، وكان ذلك ظاهراً في الحسية، وجعل ذلك كناية عن تجنب الأقذار كلها لأن من جنب ذلك ملبسه أبعده عن نفسه من باب الأولى، حقق العموم وأكد فقال :( والرجز ) أي كل قذر فإنه سبب الدنايا التي هي سبب العذاب، قال في القاموس : الرجز بالكسر والضم : القذر وعبادة الأوثان والعذاب والشرك.
) فاهجر ) أي جانب جهاراً وعبادة، ليحصل لك الثواب كما كنت تجانبها سراً وعادة، فحصل لك الثناء الحسن حتى أن قريشاً إنما تسميك الأمين ولا تناظر لك أحداً منها.
ولما بدأ بأحد سببي القبول، أتبعه الثاني المبعد عن قاصمة العمل من الإعجاب والرياء والملل فقال :( ولا تمنن ) أي على أحد بدعائك له أو بشيء تعطيه له على جهة الهبة أو القرض بأن تقطع لذة من أحسنت إليه بالتقيل عليه بذكرك على جهة الاستعلاء والاستكثار بما فعلته معه، أو لا تعط شيئاً حال كونك ) تستكثر ) أي تطلب أن تعطي أجراً أو أكثر مما أعطيت - قاله ابن عباس رضي الله عنهما، وهو من قولهم، منَّ - إذا اعطى، وذلك لأنه الأليق بالمعطي من الخلق أن يستقل ما أعطى، ويشكر الله الذي وفقه له، وبالآخذ أن يستكثر ما أخذ، فأمر النبي ( ﷺ ) أن لا يفعل شيئاً لعلة أصلاً، بل لله


الصفحة التالية
Icon