صفحة رقم ٢٤٤
بقوله
٧٧ ( ) ما سلككم في سقر ( ) ٧
[ المدثر : ٤٢ ] فبسط القول في هذه السورة في بيان ذكر ذلك اليوم وأهواله، وأشير إلى حال من كذب به في قوله تعالى ) يسأل أيان يوم القيامة ) [ القيامة : ٦ ] وفي قوله تعالى :( أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه ) [ القيامة : ٣ ] ثم أتبع ذلك بذكر أحوال الخلائق في ذلك اليوم
٧٧ ( ) ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر ( ) ٧
[ القيامة : ١٣ ] انتهى.
ولما أسند الحسبان إلى النوع لأن منهم من يقول : لا نبعث لأننا نتفتت وننمحق، قال مجيباً له :( بلى ) أي لنجمعن عظامه وجمع أجزائه لأنا قدرنا على تفصيل عظامه وتفتيتها من بعد ارتتاقها حال كونها نطفة واحدة لأن كل من قدر على التفصيل قدر على الجمع والتوصيل حال كوننا ) قادرين ) أي لما لنا من العظمة ) على أن (.
ولما كانت تسوية الصغير أصعب، قال :( نسوي بنانه ) أي أصابعه أو سلامياته وهي عظامه الصغار التي في يديه ورجليه كل منها طول إصبع أو أقل، خصها لأن أطرافه وآخر ما يتم به خلقه بأن نجمع بعضها إلى بعض على ما كانت عليه قبل الموت سواء، فالكبار بطريق الأولى لأنها أبين، ولا فرق بيبن تسويتنا ذلك من النطفة وتسويتنا له من التراب، وهي لا تكون مسواة وهي قالب البدن إلا بتسوية ما عليه من لباس اللحم والعصب والجلد كما يعهدها العاهد، فتسوية البنان كناية عن تسوية جميع البنيان كما لو قيل لك : هل تقدر على تأليف هذا الحنظل، فقلت : نعم، وعلى تأليف الخردل، مع ما يفهم من تخصيصها من التنبيه على ما فيها من بديع الصنع المتأثر عنه ما لها من لطائف المنافع، أو أن نسويها الآن فنجمعها على ما كانت عليه حال كونها نطفة من الاجتماع قبل فتقها وتفريقها حتى تكون كخف البعير، فإن القادر على تفصيل الأنامل حتى تتهيأ للأعمال اللطيفة قادر على جمعها، فتزول عنها تلك المنفعة.
ومن قدر على تفصيل الماء بعد اختلاطه وجمعه بعد انفصاله قادر على جمع التراب بعد افتراقه، وكيفما كان فهو تنبيه على التأمل في لطف تفصيل الأنامل وبديع صنعها الموجب للقطع بأن صانعها قادر على كل ما يريد، قال في القاموس : البنان : الأصابع أو أطرافها.
والسلامى - وزن حبارى : عظام صغار طول إصبع أو أقل في اليد أو الرجل.
ولما تقدم ما أشار إلى أن القيامة في غاية الظهور، أضرب عن هذا الإنكار فقال بانياً على ما تقديره : إنه لا يحسب عدم ذلك لأنه من الظهور في حد لا يحتاج إلى كبير تأمل فلو مشى مع عقله عرف الحق :( بل يريد ) أي يوقع الإرادة ) الإنسان ( أظهر في موضع الإضمار للتصريح بالتعميم لمقتضى الطبع الموجب له عدم الفكر في الآخر مع شدة ظهورها لأنه معني بشهواته فلا نجاة إلا بعصمة الله تعالى، وحذف مفعول ( يريد )


الصفحة التالية
Icon