صفحة رقم ٢٧١
رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فقال :( من فضة ) أي اسمه ذلك، وأما الحقيقة فأين الثريا من يد المتناول.
ولما جمع الآنية خص فقال :( وأكواب ( جمع كوب وهو كوز لا عروة له، فيسهل الشهرب منه من كل موضع فلا يحتاج عند التناول إلى إدارة ) كانت ) أي تلك الأكواب كوناً هو من جبلتها ) قواريراً ) أي كانت بصفة القوارير من الصفاء والرقة والشفوف والإشراق والزهارة، جمع قارورة وهي ما قر فيه الشراب ونحوه من كل إناء رقيق صاف، وقيل : هو خاص بالزجاج.
ولما كان هذا رأس آية، وكان التعبير بالقارورة ربما أفهم أو أوهم أنها من الزجاج، وكان في الزجاج من النقص سرعة الانكسار لإفراط الصلابة، قال معيداً للفظ أول الآية الثانية، تأكيداً للاتصاف بالصالح من أوصاف الزجاج وبياناً لنوعها :( قواريراً من فضة ) أي فجمعت صفتي الجوهرين المتباينين : صفاء الزجاج وشفوفه وبريقه وبياض الفضة وشرفها لينها، وقراءة من نوّن الاثنين صارفاً ما من حقه المنع مشيرة إلى عظمتها وامتداد كثرتها وعلوها في الفضل والشرف، وقراءة ابن كثير في الاقتصار على تنوين الأول للتنبيه على أنه رأس آية والثاني أول التي بعدها مع إفهام العظمة لأن الثاني إعادة للأول لما تقدم من الإفادة، فكأنه منون، ووقف أبو عمرو على الأول بالألف مع المنع من الصرف لأن ذلك كاف في الدلالة على أنه رأس آية.
ولما كان الإنسان لا يجب أن يكون الإناء ولا ما فيه من مأكول أو مشروب زائداً عن حاجته ولا ناقصاً عنها قال :( قدروها ) أي في الذات والصفات ) تقدراً ) أي على مقادير الاحتياج من غير زيادة ولا نقص لأن ما أراد كل منها كان، لا كلفة ولا كدر ولا نقص.
ولما ذكر الأكواب، أتبعها غايتها فقال تخصيصاً بالعطف على ما تقديره : يسقون فيها ما تشتهي أنفسهم وتلذ أعينهم :( ويسقون ( ممن أرادوه من خدمهم الذين لا يحصون كثرة ) فيها ) أي الجنة أو تلك الأكواب ) كأساً ) أي خمراً في إناء ) كان مزاجها ( على غاية الإحكام ) زنجبيلاً ( هو في غاية اللذة والنكهة.
الإنسان :( ١٨ - ٢٢ ) عينا فيها تسمى.....
) عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّواْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَآءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً ( ( )


الصفحة التالية
Icon