صفحة رقم ٣
سورة التغابن
مقصودها الإبلاغ في التحذير مما حذرت منه المنافقون بإقامة الدليل القاطع على أنه لا بد من العرض على الملك الدنيونية على النقير والقطمير يوم القيامة يوم الجمع الأعظم، واسمها التغابن واضح الدلالة على ذلك، وهو أدل ما فيها عليه فلذلك سميت به ) بسم الله ( مالك الملك فلا كفوء له ولا مثيل ) الرحمن ( الذي وسع الخلائق بره الجليل ) الرحيم ( الذي خص ممن عمه بالبر قوما فوفقهم للجميل.
التغابن :( ١ - ٣ ) يسبح لله ما.....
) يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ( ( )
تلك بإثبات القهر بنفوذ الأمر وإحاطة العلم، افتتح هذه بإحاطة الحمد ودوام التنزه عن كل شائبة نقص، إرشاداً إلى النظر في أفعاله والتفكر في مصنوعاته لأنه الطريق إلى معرفته، وأما معرفته بكنه الحقيقة فمحال فإنه لا يعرف الشيء كذلك إلا مثله ولا مثل له، فقال مؤكداً لما أفهمه أول الجمعة :( يسبح ) أي يوقع التنزيه التام مع التجديد والاستمرار ) لله ( الذي له الإحاطة بأوصاف الكمال ) ما في السماوات ( الذي من جملته الأراضي وما فيها فلا يريد من شيء منه شيئاً إلا كان على وفق الإرادة، فكان لذلك الكون والكائن شاهداً له بالبراءة عن كل شائبة نقص.
ولما كان الخطاب مع من تقدم في آخر المنافقين ممن هو محتاج إلى التأكيد، قال مؤكداً بإعادة الموصول :( وما في الأرض ) أي كذلك بدلالتها على كماله واستغنائه، وقد تقدم أن موافقة العاقل للأمر مثل موافقة غير العاقل للارادة، فعليه أن يهذب نفسه غاية التهذيب فيكون في طاعته بامتثال الأوامر كطاعة غير العاقل في متثاله لما يراد منه.
ولما ساق سبحانه ذلك الدليل النقلي كمال نزاهته على وجه يفهم الدليل


الصفحة التالية
Icon