صفحة رقم ٣٢٦
ولما سبقت لابن أم مكتوم الحسنى لم يضره عدم الصيت الدنياوي ولا أخل به عماه بل عظّم ربه شأنه لما نزل في حقه
٧٧ ( ) وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى ( ) ٧
[ عبس : ٢ ٤ ] فيا له صيتاً ما أجله بخلاف من قدم ذكره ممن طرد فلم يتزك ولم ينتفع بالذكرى حين قصد بها
٧٧ ( ) إنما أنت منذر من يخشاها ( ) ٧
[ النازعات : ٤٥ ] كابن أم مكتوم، من نمط ما نزل في ابن أم مكتوم قوله تعالى :
٧٧ ( ) واصبر نفسك مع الذي يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ( ) ٧
[ الكهف : ٢٨ ] وقوله :
٧٧ ( ) ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ( ) ٧
[ الأنعام : ٥٢ ] فتبارك ربنا ما أعظم لطفه بعبيده اللهم لا تؤيسنا من رحمتك ولا تقنطنا من لطفك ولا تقطع بنا عنك بمنك وإحسانك انتهى.
ولما كان فعله ذلك فعل من يخشى أن يكون عليه في بقائهم على كفرهم ملامة، بين له أنه سالم من ذلك فقال :( وما ) أي فعلت ذلك والحال أنه ما ) عليك ) أي من بأس في ) ألا يزكّى ( ورأساً ولو بأدنى تزك بما أشار إليه الإدغام إن عليك إلا البلاغ، ويجوز أن يكون استفهاماً أي وأي شيء يكون عليك في عدم تزكيه وفيه إشارة إلى أنه يجب الاجتهاد في تزكية التابع الذي عرف منه القبول.
ولما ذكر المستغني، ذكر مقابله فقال :( وأما من جاءك ( حال كونه ) يسعى ) أي مسرعاً رغبة فيما عندك من الخير المذكر بالله وهو فقير ) وهو ) أي والحال أنه ) يخشى ) أي يوجد الخوف من الله تعالى ومن الكفار في أذاهم على الإتيان إلى النبي ( ﷺ ) ومن معاثر الطريق لعماه ) فأنت عنه ) أي خاصة في ذلك المجلس لكونه في الحاصل ) تلهّى ) أي تتشاغل لأجل أولئك الأشراف الذين تريد إسلامهم لعلو بهم الدين تشاغلاً حفيفاً بما أشار إليه حذف التاء، من لهى عنه كرضى إذا سلى وغفل وترك، وفي التعبير بذلك إشارة إلى أن الاشتغال بأولئك لا فائدة فيه على ما تفهمه تصاريف المادة وإلى أن من يقصد الانسان ويتخطى رقاب الناس إليه له عليك حق عظيم، والآية من الاحتباك : ذكر الغنى أولاً يدل على الفقر ثانياً، وذكر المجيء والخسية ثانياً يدل على ضدهما أولاً، وسر ذلك التحذير مما يدعو إليه الطبع البشري من الميل إلى الأغنياء، ومن الاستهانة بحق الآتي إعظاماً لمطلق إتيانه.
ولما كان العتاب الذي هو من شأن الأحباب ملوحاً بالنهي عن الإعراض عمن وقع العتاب عليه، وكل من كان حاله كحاله والتشاغل عن راغب، صرح به فقال :( كلا ) أي لا تفعل ذلك أصلاً فإن الأمر في القضاء والقدر ليس على ما يظن العباد ولا هو جار على الأسباب التي تعرفونها بل هو من وراء علومهم على حكم تدق عن


الصفحة التالية
Icon