صفحة رقم ٣٧٧
والإعادة بالإنبات وفي بعضها قوة التربية كذلك، وفي الأخرى قوة الاستحصاد بأسباب خفية أقامها سبحانه لا ترونها، غير أنكم لكثرة إلفكم لذلك صرتم تدركون منه بالتجارب أموراً تدلكم على تمام القدرة، فنسبها بعضكم إلى الطبيعة لقصور النظر في أسباب الأسباب وكلال الفكر عن النفوذ إلى نهاية ما تصل إليه الألباب، فاستبدل بالشكر الكفر، واستدل بالآيات على ضد ما تدل عليه لجمود الذهن وانعكاس الفكر، والمراد بها المنازل الاثناء عشر : الحمل - والثور - والجوزاء - والسرطان - والأسد - والسنبلة - والميزان - والعقرب - والقوس - والدلو - والحوت - هي تقطعها الشمس في السنة، أو هي الثمانية والعشرون التي يقطعها القمر في الشهر، وهي منازل الشمس هذه الاثنا عشر بسير القمر في كل واحد منها يومين وثلثاً، فذلك ثمانية وعشرون يوماً ويستسر ليلتين، فذلك شهر، وهو إشارة إلى أن الذي فصل السماء هذا التفصيل وسخر فيها هذه الكواكب لمصالح الإنسان لا يتركه سدىً، بل لا بد من دينونته على ما يفعله منخير وشر شبهت بالقصور لأنها تنزلها السيارة وتكون فيها الثوابت وعظام الكواكب، سميت بروجاً لظهورها، أو أبواب السماء فإن النزازل تخرج منها، وأصل التركيب للظهور.
ولما كانت هذه الجملة من القسم دالة على بعث قال تصريحاً :( واليوم الموعود ) أي يوم القيامة الذي تحقق الوعد به وثبت ثبوتاً لا بج منه بما دل عليه من قدرتنا في مخلوقاتنا وأنا سببنا له أسباباً هي عتيدة ليدكم وأنتم لا ترونها ولا تحسون شيئاً منها ولم تبينها لكم الرسل لقصور عقولكم عنها بأكثر من الدلالة بالأسباب التي ألفتموها على مثلها من غير فرق غير أنه وإن كان العقل لا يستقل به ولا يفقه منه غير السماء للوعد به من الرسل فهو لا يحيله بعد سماعه.
ولما كان الجمع لأجل العرض، وكان العرض لا بد فيه من شهود ومشهود عليهم وجدال على عهود، قال منكّراً للإبهام للتعظيم والتعميم مثل ) علمت نفس ما نفسه من الأعيان والآثار الهائلة، أو عليه فإنه يوم تشهده جميع الخلائق، ويحضر فيه من العجائب أمور يكل عنها الوصف، ويحضره الأنبياء الشاهدون وأممهم المشهود عليهم، ولا تبقى صغيرة من الأعمال ولا كبيرة إلاّ أحصيت، وفي ذلك أشد وعيد لجميع العبيد.
ولما كان جواب القسم على ما دل عليه مقصود السورة وسوابقها ولواحقها : لنثوين الفريقين الأولياء والأعداء، ولندينن كلاًّ بما عمل، دل عليه بأفعاله في الدنيا


الصفحة التالية
Icon