صفحة رقم ٤٠٧
الغاشية :( ٧ - ١٣ ) لا يسمن ولا.....
) لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ ( ( )
ولما حصر أكلهم في هذا، وكان الضريع المعروف عند العرب قد يتصور متصور أنه لو أكره شيء على أكله أسمنه أو سد جوعته، وكان الضريع المأكول لهم في القيامة شوكاً من نار كما ورد تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً إلى النبي ( ﷺ ) نفى عند فائدة الطعام، فقال واصصفاً الضريع أو الطعام المقدر بعد ( إلا ) بما يفهمه تحامي الإبل التي ترعى كل نابت وهي أعظم الحيوانات إقبالاً على أنواع الشوك له من أنه ضر بلا نفع ) لا يسمن ) أي فلا يشبتع ولا يقوي لأنه يلزم ما يسمن، فعدمه يلازم عدمه.
ولما نفى عنه ما هو مقصود أهل الرفاهية وبدأ به لأن المقام له نفي ما يقصد للكفاف فقال تعالى :( ولا يغني ) أي يكفي كفاية مبتدئة ) من جوع ( فلا يحفظ الصحة ولا يمنع الهزال، والمقصود من الطعام أحد الأمرين، وذلك لأنهم كانوا يأكلون الحرام الذي تنبت عليه لحومهم فيفسدها بفساده وتنمو به نفوسهم فيخبثها بخبثه ويتغذون بالشبه أيضاً ويباشرونها في جميع أوقاتهم ويباشرون العلوم التي تظلم القلوب كالفلسفة والشعر والسحر ونحو ذلك مما يجر إلى البدع.
والآية من الاحتباك : نفي السمن أولاً يدل على إثبات الهزال ثانياً، ونفي الإغناء من الجزع ثانياً يدل على نفي الشبع أولاً، ومن جعل ذلك سفة الطعام أفسد المعنى لأنه يؤول إلى : ليس لهم طعام منفي عنه الإسمان والإغناء، بل لهم طعام لا ينفي عنه ذلك.
ولما ذكر الأعداء وقدمهم لما تقدم، أتبعه الأولياء فقال مستأنفاً ذكر ما لهم من ضد ما ذكر للأعداء :( وجوه يومئذ ) أي إذ كان ما ذكر ) ناعمة ) أي ذات بهجة وسرور تظهر عليها النعمة والنضرة والراحة والرفاهية بضد تلك الناصبة، لأن هؤلاء أتبعوا أنفسهم في دار العمل الدنيا وصبروا على التقشف وشظف العيش ) لسعيها ) أي عملها للآخرة الذي كأنه لا سعي غيره خاصة لعملمها أنه منج ) راضية ( لما رأت من ثوابه تود أن جميع سعيها في الدنيا كان لذلك بعد أن كان ذلك السعي الذي هو للآخرة كريهاً إليها في الدنيا لا تباشره إلا بشق الأنفس.
ولما ذكر السعي أتبعه ثوابه فقال :( في جنة عالية ) أي في المكان العالي والمكانة العالية والأشجار والغرف وغير ذلك بما صرفوا أنفسهم عن الدنايا ورفعوا هممهم إلى النفائس.
ولما كان ما كان من هذا لا يصفو، وفيه ما يكره من الكلام قال منزهاً لها عن كل سوء :( لا تسمع ) أي أيها الداخل إليها - على قراءة الجماعة، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ورويس عن يعقوب بالبناء للمفعول وهو أبلغ في النفي ) فيها لاغية ) أي لغو ما أو