صفحة رقم ٤٤٧
شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء ( ) ٧
[ النحل : ٣٥ ] الآية وما ضاهاها.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : لما بين قبل حالهم في الافتراق، أقسم سبحانه على ذلك الشأن في الخلائق بحسب تقديره أزلاً ) ليبلوهم أيهم أحسن عملاً ) [ لا يوجد ليبلوهم بالياء في لغتنا وإنما كما في الكهف آية ٧ : لنبلوهم...
وفي الملك آية ٢ : لنبلوكم...
فقال تعالى :( إن سعيكم لشتى ( فاتصل بقوله تعالى
٧٧ ( ) قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ( ) ٧
[ الشمس : ١٠ ] إن قوله تعالى ) فأما من أعطى واتقى - إلى - العسرى ( يلائمه تفسيراً وتذكيراً بما الأمر عليه من كون الخير والشر بإرادته وإلهامه وبحسب السوابق قوله :
٧٧ ( ) فألهمهما فجورها وتقواها ( ) ٧
[ الشمس : ٨ ] فهو سبحانه الملهم للإعطاء والاتقاء والتصدق، والمقدر للبخل والاستغناء والتكذيب
٧٧ ( ) والله خلقكم وما تعملون ( ) ٧
[ الصافات : ٩٦ ]
٧٧ ( ) لا يسئل عما يفعل ( ) ٧
[ الأنبياء : ٢٣ ] ثم زاد ذلك إيضاحاً بقوله تعالى ( إن علينا للهدى وإن لنا للأآخرة والأولى ( فتباً للقدرية والمعتزلة
٧٧ ( ) وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون ( ) ٧
[ يوسف : ١٠٥ ] - انتهى.
ولما طابق بين القسم والمقسم عليه، ونبه بالقسم والتأكيد مع ظهور المسقم عليه على أنهم في أمنهم مع التحذير كمن يدعي أنه لا فرق وأن مآل الكل واحد كما يقوله أصحاب الواحدة - عليهم الخزي واللعنة شرع في بيان تشتت المساعي وبيان الجزاء لها، فقال مسبباً عن اختلافهم ما هو مركوز في الطباع من أنه لا يجوز تسوية المحسن بالمسيء ناشراً لمن زكى نفسه أو دساها نشراً مستوياً إيذاناً بأن المطيع فيه هذه الأمة - ولله الحمد - كثير بشارة لنبيها ( ﷺ ) :( فأما من أعطى ) أي وقع منه إعطاء على ما حددنا له وأمرناه به ) واتقى ) أي وقعت منه التقوى وهو اتخاذ الوقايات من الطاعات واجتناب المعاصي خوفاً من سطواتنا ) وصدق ) أي أوقع التصديق للمخبر ) بالحسنى ) أي وهي كلمة العدل التي هي أحسن الكلام من التوحيد وما يتفرع عنه من الوعود الصادقة بالآخرة والإخلاف في النفقة في الدنيا وإظهار الدين وإن قل أهله على الدين كله، وغير ذلك من كل ما وعد به الرسول ( ﷺ ) سبحانه وتعالى، وعدل الكلام إلى مظهر العظمة إشارة إلى صعوبة الطاعة على النفس وإن كانت في غاية اليسر في نفسها لأنها في غاية الثقل على النفس فقال :( فسنيسره ) أي نهيئه بما لنا من العظمة بوعد لا خلف فيه ) لليسرى ) أي الخصلة التي هي في غاية اليسر والراحة من الرحمة المقتضية للعمل بما يرضيه سبحانه وتعالى ليصل إلى ما يرضى به من الحياة الطيبة ودخول الجنة.