صفحة رقم ٤٥٥
فلم يبق في حق هؤلاء ذلك الإبهام، ولا كدر خواطرهم بتكاثف ذلك الإظلام، بما منحهم سبحانه وتعالى من نعمة الإحسان بما وعدهم في قوله :
٧٧ ( ) يجعل لكم فرقاناً ( ) ٧
[ الأنفال : ٢٩ ] و
٧٧ ( ) يجعل لكم نوراً تمشون به ( ) ٧
[ الحديد : ٢٨ ]
٧٧ ( ) أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ( ) ٧
[ الأنعام : ١٢٢ ] فعمل هؤلاء على بصيرة، واستولوا اجتهاداً بتوفيق ربهم على أعمال جليلة خطيرة، فقطعوا عن الدنيا الآمال، وتأهبوا لآخرتهم بأوضح الأعمال
٧٧ ( ) تتجافى جنوبهم عن المضاجع ( ) ٧
[ السجدة : ١٦ ]
٧٧ ( ) فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ( ) ٧
[ السجدة : ١٧ ] فلابتداء الأمر وشدة الإبهام والإظلام أشار قوله سبحانه وتعالى :( والليل إذا يغشى ( ولما يؤول إليه الحال في حق من كتب في قلبه الإيمان وأيده بروح منه أشار قوله سبحانه وتعالى :( والنهار إذا تجلى ( ولانحصار السبل وإن تشعبت في طريقي
٧٧ ( ) فمنكم كافر ومنكم مؤمن ( ) ٧
[ التغابن : ٢ ]
٧٧ ( ) فريق في الجنة وفريق في السعي ( ) ٧
[ الشورى : ٧ ] أشار قوله سبحانه وتعالى :
٧٧ ( ) وما خلق الذكر والأنثى ( ) ٧
[ الليل : ٣ ]
٧٧ ( ) ومن كل شيء خلقنا زوجين ( ) ٧
[ الذاريات : ٤٩ ]
٧٧ ( ) ففروا إلى الله ( ) ٧
[ الذاريات : ٥٠ ] الواحد مطلقاً، فقد وضح لك إن شاء الله بعض ما يسر من تخصيص هذا القسم - والله أعلم، أما سورة الضحى فلا إشكال في مناسبة في استفتاح القسم بالضحى لما يسره به سبحانه لا سيما إذا اعتبر ما ذكر من سبب نزول السورة، وأنه ( ﷺ ) كان قد فتر عنه الوحي حتى قال بعض الكفار : قلى محمداً ربه، فنزلت السورة مشعرة عن هذه النعمة والبشارة - انتهى.
ولما ذكر حاله في الدنيا بأنه لا يزال يواصله بالوحي والكرامة، ومنه ما هو مفتوح على أمته من بعده روي عن أنس رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله ( ﷺ ) :( أريت ما هو مفتوح على أمتي من بعدي كَفراً كَفراً فسرني ذلك ) فلما كان ذلك وكان ذكره على وجه شمل الدارين صرح بالآخرة التي هي أعلى وأجل، ولأدنى من يدخلها فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فكيف بما له صلىالله عليه وسلم، فقال مؤكداً لذلك كما أكد الأول بالقسم بما لهم فيه من الإنكار :( وللآخرة ) أي التي هي المقصود من الوجود بالذات لأنها باقية خالصة عن شوائب الكدر أو الحالة المتأخرة لك