صفحة رقم ٤٦٤
الدين كله، ويغني أصحابه رضي الله عنهم بعد عيلتهم، ويكثرهم بعد قلتهم، ويعزهم بعد ذلتهم، ويصير هؤلاء المخالفون له أعظم الأعضاد، وينقاد له المخالف أتم انقياد، ويفتح له أكثر البلاد، ليكون هذا العطاء في اليسر بحسب ما كان وقع من العسر، فإنه قضى سبحانه وتعالى قضاء لا يرتد أنه يخالف بين الأحوال، دليلاً قاطعاً على أنه تعالى وحده الفعال، وأن فعله بالاختيار، لا بالذات والإجبار.
ولما كان العسر مكروهاً إلى النفوس، وكان لله سبحانه وتعالى فيه حكماً عظيمة، وكانت الحكم لا تتراءى إلا للأفراد من العباد، كرره سبحانه وتعالى على طريق الاستئناف لجواب من يقول : وهب بعده من عسر ؟ مؤكداً له ترغيباً في أمره ترقباً لما يتسبب عنه مبشراً بتكريره مع وحدة العسر وإن كان حمل كل واحد منهما على شيء غير ما قصد به الآخر ممكناً فقال :( إن مع العسر ) أي المذكور فإنه معرفة، والمعرفة إذا أعيدت معرفة كانت غير الأولى سواء أريد العهد أو الجنس ) يسراً ) أي آخر لدفع النبي ( ﷺ ) :( إنها غيرُها ) فقال الحسن البصري : إن الآية لما نزلت قال النبي ( ﷺ ) :( أتاكم اليسر لن يغلب عسر يسرين ) وقد روى هذا من أوجه كثيرة، وروى عبد الرزاق عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :( لو كان العسر في جحر ضب لتبعه اليسر حتى يخرجه ) وللطبراني عنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله ( ﷺ ) :( لو كان العسر في جحر لدخل عليه اليسر حتى يخرجه ) ثم قرأ رسول الله ( ﷺ ) الآية، قال الحافظ نور الدين الهيثمي : وفيه أبو مالك النخعي وهو ضعيف، ورواه الطبراني أيضاً في الأوسط والبزار عن أنس رضي الله عنه بنحوه، قال الهيثمي : وفيه عائذ بن شريح وهو ضعيف، وروى الفراء عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ( ﷺ ) خرج ذات يوم وهو يضحك ويقول :( لن يغلب عسر يسرين ) وروى عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن الحسن به مرسلاً، ومن طريقه أخرجه الحاكم والبيهقي