صفحة رقم ٤٩
والبواطن ما يجل عن الوصف، قال تعظيماً للمقام بعد تعظيمه بما ذكر من رئيس الكروبيين عليهم الصلاة والسلام ) والملائكة ) أي كلهم ومنهم جبريل عليهم الصلاة والسلام فهو مذكور خصوصاً وعموماً مرات إظهاراً لشدة محبته وموالاته للنبي ( ﷺ ).
ولما كان المراد التعميم في الزمان والمكان بعد التعميم في الصالحين من الملائكة والإنس والجان، قال من غير جار معظماً لنصرة الملائكة لما لهم من العظمة في القلوب لما تقرر لمن باشر منهم العذاب تارة بالرجفة وأخرى بالصعقة وتارة بالخسف وأخرى بغير ذلك، فكيف إذا تصور الآدمي المقيد بالمحسوسات اجتماهم على ما لهم من الأشكال المهولة ) بعد ذلك ) أي الأمر العظيم الذي تقدم ذكره وهو مظاهرة الله ومن ذكر معه ) ظهير ( أخبر عن الجمع باسم الجنس إشارة إلى أنهم على كلمة واحدة في المظاهرة، فخوف بهذا كله لأجل المتاب لطفاً به ( ﷺ ) وإظهاراً لعظمته وفي قصة صاحب ياسين قال ) وما أنزلنا على قومه ( الآية، تحقيراً لقومه وإهانة لهم، ويجوز أن يكون ( ظهير ) خبر جبريل عليه الصلاة والسلام، وخبر ما بعده محذوف لدلالته عليه أي كذلك.
ولما حذر بما تقدم، زاد في التحذير ما يقطع القلوب لأن أشد ما على المرأة أن تطلق ثم إذا طلقت أن تستبدل بها ثم أن يكون البدل خيراً منها فقال مبيناً لأدنى أنواع المظاهرة سائقاً الأمر مساق الرجاء إشارة إلى أنه يكفي العاقل في الخوف تجويز احتمال الضرر فكيف إذا كان الأمر حتماً لأن من المعلوم أن ( عسى ) من الله على طريق الكبراء لا سيماء الملوك في اكتفائهم بالإشارات والرموز فمن هنا كانت واجبة لأنه ملك الملوك وهو ذو الكبرياء في الحقيقة لا غيره ) عسى ربه ) أي المسحن إليه بجميع أنواع الإحسان التي عرفتموها وما لم تعرفوه جدير وحقيق، ووسط بينها وبين خبرها اهتماماً وتخويفاً قوله :( إن طلقكن ) أي بنفسه من غير اعترض عليه جمع أو بعضكن بإيجاد الطلاق لمن لم يطلقها وإدامته من طلقها ) أن يبدّله ( منكن بمجرد طلاقه لكن من غير ان تحوجه إلى التفتيش تبديلاً مبالغاً فيه بما أشارت إليه قراءة نافع وأبي جفعر وأبي عمرو بالتشديد، فهي أبلغ من قراءة الباقين بالتخفيف الدال على مطلق الإبدال الصالح للمبالغ فيه وغيره، ومن التشريف أيضاً إضافة الطلاق إليه والإبدال إلى الله مع التعبير بصفة الإحسان وتخصيص الإضافة بضميره.
ولما كان الأوجع لقب الحرة حرة مثلها لا سرية قال :( أزواجاً ( ولما كان علوها عليها في الرتبة هو النهاية في التأسيف قال :( خيراً ( ودل على أنها للتفضيل بقوله :( منكن ( وهذا على سبيل الفرض وعام في الدنيا والآخرة فلا يتقضي وجود من هو خير