صفحة رقم ٥١٣
سورة القارعة
مقصودها إيضاح يوم الدين بتصوير ثواني أحواله في مبدئه ومآله، وتقسيم الناس فيه إلى ناج وهالك، واسمها القارعة واضح في ذلك ) بسم الله ( الملك الأعلى ) الرحم، ( الذي عمت نعمة إيجاده وبيانه جميع الورى ) الرحيم ( الذي خص أهل حزبه بالتوفيق لما يجب ويرضى.
القارعة :( ١ - ١١ ) القارعة
) الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ ( ( )
لما ختم العاديات بالبعث ذكر صيحته فقال :( القارعة ) أي الصيحة أو القيامة، سميت بها لأنها تقرع أسماع الناس وتدقعها دقاً شديداً عظيماً مزعجاً بلأفزع، والأجرام الكثيفة بالتشقق والانفطار، والأشياء الثابتة بالانتثار.
ولما كانت تفوق الوصف في عظم شأنها وجليل سلطانها، عبر عن ذلك وزاده عظماً بالإلهام والإظهار في موضع الإضمار مشيراً بالاستفهام إلى أنها مما يستحق السؤال عنه على وجه التعجيب والاستعظام فقال :( ما القارعة ( وأكد تعظيمها إعلاماً - بأنه مهما خطر ببالك من عظمها فهي أعظم منه فقال :( وما أدراك ) أي وأيّ شيء أعلمك وإن بالغت في التعرف، وأظهر موضع الإضمار لذلك فقال :( ما القارعة ) أي أنك لا تعرفها لأنك لم تعهد مثله.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : لما قال الله سبحانه وتعالى :( أفلا يعلم إذا بعثر في القبور وحصل ما في الصدور ) كان ذلك مظنة لأن يسأل : متى ذلك ؟ فقيل : يوم القيامة الهائل الأمر، الفظيع الحال، الشديد البأس، والقيامة هي القارعة، وكررت


الصفحة التالية
Icon